عضو مجلس الأمة الكويتي السابق، المفكر عبدالله النفيسي كرر دعوته دول الخليج، وهي: الكويت والبحرين وقطر والإمارات، الى الانضمام إلى السعودية، وحذر من مستقبل يهدد كيانها واستقرارها وأمنها إن لم تتحد معاً في كيان واحد هو السعودية. وهو كان دعا سابقاً إلى تحقيق فكرة مشابهة من خلال إقامة وحدة فيديرالية لدول مجلس التعاون الخليجي. مخاوف عبدالله النفيسي من زوال بعض دول الخليج، باتت مطروحة بقوة منذ غزو العراق، وتزايد الحديث عن تقسيم العراق، وإعادة تشكيل الحدود السياسية للمنطقة. وزاد من أهمية هذه الفكرة أن الغزو الأميركي للعراق أفضى الى تكريس القوة الإيرانية، وهيمنتها على العراق. وفي مقابل هذا التطور نجد أن الغزو لم يحد من استمرار تفكك الموقف السياسي لدول الخليج، وتضخيم قضايا الحدود بينها، فجاء سلوك دول مجلس التعاون على عكس موقفها السياسي الحكيم خلال الحرب العراقية - الإيرانية، حين عجّلت بتنفيذ فكرة مجلس التعاون، وكانت تتحرك بقرار واحد مركزه الرياض، وتستشعر الخطر الذي ستخلقه تلك الحرب، لكن ذلك الوعي لم يدم طويلاً، فجاءت النتيجة التي يعرفها الجميع، وأصبح الموقف التضامني الهش بين دول المجلس وسيلة لاستهدافها. الدكتور النفيسي، تحدث عن الوحدة، ولم يشر في كلامه السابق والجديد الى المساس بالكيانات السياسية للدول، وإزالتها وتغييب شخصيتها القطرية، فهو يتحدث عن وحدة سياسية تمنع التهديد الأمني للدول الصغيرة، الذي يفترض أن مجلس التعاون سيصل إليه في نهاية المطاف، ولعل إلحاح النفيسي على الفكرة خلال وقت قصير نابع من شعوره بأن السلوك السياسي لبعض دول الخليج لا يعكس الأخطار التي تحيط بالمنطقة. لا شك في أن منطقة الخليج تعيش حرب أطماع، ودول الخليج الصغيرة تمتلك ثروات نفطية هائلة، وتواجه تهديداً حقيقياً، وليس أمامها سوى حماية وجودها، من خلال التفكير جدياً بطرح عبدالله النفيسي، وتجاوز الشعور المتعاظم بالقطرية، فهذه المنطقة تعيش مخاضاً محموماً لتوزيع النفوذ والثروة. والتاريخ القريب اثبت ان لا بد من الاحتماء بالرياض في نهاية المطاف. ولعل موقف السعودية من غزو الكويت، يختصر كل الكلام الذي يجب أن يقال، فضلاً عن أن دول الخليج ليست بحاجة الى تكرار مشهد آب (أغسطس) 1990 كي تغير سلوكها السياسي، ناهيك بأن لا وقت لممارسة الأخطاء السابقة.