استطاعت شجرة المانغو أن تحتل مكانة خاصة عند الجازانيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة، لتحل في المرتبة الأولى إنتاجياً لمنطقة جازان، منافسها الوحيد «الفل البلدي». عندما تقترب من مزارع المانغو في جازان، فإنك لن تستطيع أن تشم أي رائحة أخرى سوى رائحة الفاكهة الذهبية الشذية. وكأن عطراً بنكهة المانغو وضع على أرنبة أنفك. الفاكهة الألذ عند كثيرين من عشاقها كونت صداقة حميمة مع الجازانيين، فمن لا يملك منهم مزرعة للمانغو، فإنه يملك شجرة أو أكثر في حديقة منزله الخلفية. ويجدها الأهالي أجمل هدية يتبادلها الجيران في موسم الطرح، خصوصاً إذا اختلفت الأنواع من حديقة إلى أخرى. وبدأ نجاح زراعة المانغو في المنطقة منذ عام 1982، عندما أدخلت وزارة الزراعة ممثلة بمركز الأبحاث الزراعية بالمنطقة أصناف ذات جودة عالية من المانغو من الدول التي اشتهرت بزراعته مثل مصر والسودان وأميركا والهند وأستراليا وكينيا، وأجرت دارسات وتجارب لزراعتها فأثبتت نجاحها. بعدها، توسعت عمليات زراعة المانغو في المنطقة حتى تجاوز عدد أشجار المانغو 570 ألف شجرة زرعت على مساحة 62 ألف هتكاراً، وتنتج 27800 طن سنوياً من ثمار المانغو عالية الجودة. وتبدأ مرحلة إنتاج المانغو في منطقة جازان من شهر آذار (مارس) إلى تموز (يوليو) بحسب طبيعة كل صنف ونوع الري وعناية المزارع بها من رش وتقليم. في عام 1426ه شهدت جازان انطلاق أول مهرجان للمانغو، وتشهد جازان كل عام تقدماً في تنظيم المهرجانات المحلية وطرق عرض فاكهة المانغو، وهو ما أسهم في تشيط الحركة الاقتصادية والسياحية والثقافية بالمنطقة، وإبراز المقومات الطبيعية، وتعريف رجال الأعمال والمستثمرين بالفرص المتاحة للاستثمار. ومن هذا المهرجانات السنوية مهرجان احتفالية المانغو التي تشارك الجهات الحكومية والأهلية والشركات وأصحاب مزارع المانغو في المنطقة بها، وتعد تظاهرة زراعية وثقافية تميزت بها منطقة جازان، تصاحبها أمسيات ثقافية وفنية تحييها الفرقة الشعبية للمنطقة. وعلى رغم ان منتجات عدة تشارك في المهرجان إلا أن طغيان المانغو على أي منتج ومكانته لدى الجازانيين وإنتاج المنطقة الغزير منه جعلا المهرجان يتخذ من المانغو اسماً له. ويعرف «مهرجان المانغو» بمقومات التمنية الزراعية في جازان وما يتوافر بها من إمكانات استثمارية من خلال فاكهة المانغو التي تعد من أهم المحاصيل الزراعية ذات الجودة العالية، فضلاً عن الكميات التي يطرحها مزارعو المانغو كل عام. ويزرع في منطقة جازان أنواع عدة من المانغو كالبلدي والتومي والمصري والهندي والجلي والسمكي و«ستيشن»، وتوجد بعض الأنواع ذات الجودة العالية. ويصل سعر صندوق المانغو إلى 100 ريال مع زيادة الطلب. وشارك في المهرجان السادس للمانغو شركات ومزارع خاصة، كما احتوى المهرجان على المعروضات الزراعية الأخرى من البن والقشر والعسل إلى جانب النباتات العطرية التي اشتهرت المنطقة بزراعتها مثل الفل والكادي والبعثيران، وهو ما أسهم في إنعاش حركة البيع في السوق المحلية ونقاط البيع المنتشرة في منطقة جازان للعام الحالي التي وصلت في اليوم الأول إلى أكثر من مليون ريال من بيع المانغو بحسب تقديرات الباعة والقائمين عليه. ويعود سبب ازدهار زراعة المانغو في المنطقة إلى استكمال البنية التحتية لعدد من المشاريع الزراعية مثل عملية تسويق المنتجات الزراعية وتوزيع الأراضي الزراعية وتقديم القروض الميسرة والإعانات الزراعية إلى جانب تقديم الخدمات المجانية للمزارعين وشراء بعض المحاصيل بأسعار تشجيعية. وكان أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أكد في لقاء له مع مزارعي المنطقة على أهمية الاستفادة من مدينة جازان الاقتصادية بما يخدم الزراعة ومجال الصناعات الغذائية وتفعيل دور الجمعيات التعاونية متعددة الأغراض لخدمة المزارعين في تسويق منتجاتهم الزراعية، وتوفير الأعداد الكافية من المرشدين والفنيين الزراعيين للقيام بأعمال التوعية والإرشاد للمزارعين، إلى جانب ضرورة الاستفادة من السدود المنفذة والجاري تنفيذها في المنطقة لأغراض زراعية. ويشهد القطاع الزراعي في منطقة جازان نقلة نوعية بظهور مزارع متخصصة في إنتاج الفواكه، إذ بلغ إنتاج المنطقة من الفاكهة 32 ألف طن، في عام 2008. ويأتي هذا التحول على إثر مرحلة سابقة من التنمية الزراعية التي كانت تشغل المياه الجوفية في إنتاج الخضروات غير التقليدية على نطاق واسع. وكان النشاط الزراعي في منطقة جازان يتصف بأنه تقليدي يتوجه الإنتاج بموجبه في الغالب لأغراض معاشيه ومعتمداً في ذلك على المياه السطحية. ويزعم بعض المؤرخين والاختصاصيين ان زراعة المانغو بدأت قبل 6 آلاف عام في المنطقة الاستوائية.