تحاول دول الخليج تعديل قوانين الشركات والإقامة على اراضيها، لحفز اقتصاداتها ودعم القطاع العقاري الذي تأثر بتداعيات الأزمة المالية العالمية. وفي حين أعلنت البحرين عن الغاء نظام الكفيل كشرط لإقامة الأجنبي، أعلنت الإمارات عن نظام لتأشيرات الإقامة لمالكي العقارات، وتستعد لتعديل قانون الشركات لرفع نسبة ملكية الأجانب التي يجب ألا تتجاوز 49 في المئة، في مقابل 51 في المئة لمواطن شريك في المشروع حالياً. وعلى رغم ترحيب الأوساط الاقتصادية بهذه الخطوات، لم يخف بعضها قلقه من أنها قد تعمّق مشكلة التركيبة السكانية في منطقة يشكل الأجانب فيها اكثر من 80 في المئة من عدد السكان. وأشار تقرير أصدرته شركة «المزايا القابضة» أمس إلى ان التطورات النوعية في تسهيل إقامة الأجانب، سواء العاملين أم مالكي العقارات في المنطقة، «ستحسن مستويات الشفافية وظروف العمل وأسواق العقارات، لكنها في الوقت ذاته تثير مخاوف ديموغرافية شكلت الهاجس الأكبر لدى صانعي السياسة وواضعيها في الخليج». يذكر ان دول الخليج ظلت محل انتقاد منظمات دولية لاتباعها نظام الكفيل المحلي للأجنبي، ما يحدّ من انتقال العامل بين عمل وآخر، لكنه في المقابل يضبط اليد العاملة ويحد من استفحال مشكلة التركيبة السكانية. غير ان المغالاة في استغلال النظام ووجود ثغرات، دفعت حكومات دول الخليج الى التفكير بأنظمة تضبط اليد العاملة الوافدة وتنظم عملها بطرق أخرى تضمن حرية العامل وتحقق الأمن والاستقرار الاجتماعي والديموغرافي. وكانت البحرين السباقة على مستوى الخليج، إذ أعلنت رسمياً عن إلغاء نظام الكفيل لليد العاملة الوافدة إلى البلاد، المكونة من نصف مليون عامل، على ان يبدأ العمل بالقرار ابتداء من آب (أغسطس) المقبل. ويعطي القرار العامل غير البحريني حرية الانتقال إلى عمل آخر من دون موافقة الكفيل بالضرورة. ولفت تقرير «المزايا القابضة» إلى ان «قوى الممانعة في السوق البحرينية عطلت تفعيل القانون الذي أقر المرة الأولى قبل ثلاث سنوات، لكن الحكومة البحرينية دخلت في نقاشات مطولة مع رجال الأعمال وأصحاب الشركات وغرفة التجارة والصناعة، لإقرار القانون بحيث جرى إحداث تعديلات طفيفة أدت الى إقراره. ويتضمن القانون الجديد إعطاء العامل الأجنبي حقّ الانتقال إلى عمل آخر وفقاً لضوابط تضمن حقوق كل من أصحاب الأعمال والعمال في آن واحد، بحيث يمكن للعامل الأجنبي الانتقال بعد تقديم إخطار للشركة برغبته في الانتقال، مع مهلة ثلاثة أشهر. وأضاف التقرير ان المخاوف من ارتفاع عدد العمال الأجانب يعالَج من خلال وضع سقف أعلى لعدد الوافدين، لا يجوز تجاوزه بكل الأحوال، خصوصاً ان نصف عدد سكان البحرين هم من الوافدين. وتسعى دول أخرى في الخليج، لإحداث تعديلات جوهرية على نظام الكفيل المحلي للأجنبي. ففي الإمارات، يسعى قانون الشركات الجديد إلى إعطاء الأجانب حرية امتلاك شركاتهم أو مصالحهم، في شكل كامل، أسوة بالنظام المعمول به في المناطق الحرّة، كما أبدت الكويت رغبة في إلغاء نظام الكفيل، في وقت تتصاعد فيه الدعوات المحلية لإلغائه. وكانت «منظمة العمل الدولية» أعدت دراسة وافية حول إلغاء نظام الكفيل، دعت إلى تأمين بديل مناسب لهذا النظام، في وقت كشفت مصادر خليجية ان كل دول الخليج تتجه إلى إلغاء نظام الكفيل. وتراجع السعودية لائحة العمال في المنازل لتحسينها عبر تحديد حقوق وواجبات هؤلاء العمال في شكل واضح. وأوضح تقرير «المزايا القابضة» ان الإمارات حسمت أمرها في موضوع إقامة الأجانب من مالكي العقارات في البلاد، عبر قرار أصدره وزير الداخلية الإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، بالسماح لهم بالدخول إلى أراضي الدولة والبقاء فيها لمدة ستة أشهر، بموجب إذن دخول «تأشيرة زيارة لسفرات كثيرة». ولفت التقرير إلى ان فتح باب تملّك الأجانب ووعود بمنح اقامات شبه دائمة لمالكي العقارات، أدى إلى إقبال كبير على المشاريع العقارية في الإمارات، في بلد يشكل الأجانب فيه أكثر من 80 في المئة من سكانه، غالبيتهم من شبه القارة الهندية وإيران والدول العربية. وحذّرت «أي ان جي» الهولندية للخدمات المالية من احتمال تراجع إقبال الأجانب على شراء العقارات في دبي بعد ان افادت «مؤسسة تنظيم العقارات» في دبي بأن مالكي المساكن من المغتربين غير مؤهلين تلقائياً للحصول على حقوق إقامة طويلة الأمد. وأضافت ان وجود تلك العقارات التي يشتريها المغتربون في دبي كان عاملاً رئيساً في دفع الطلب وأن أي قرار من جانب الجهات التنظيمية بمراجعة وضع تصاريح مالكي المساكن الحاليين سيضر بدبي.