قدم صيف السعودية مبكراً هذا العام، وتجاوزت درجات الحرارة في المدن السعودية الرئيسية سقف 40 درجة مئوية مع بدايات شهر حزيران «يونيو»، فيما لا يزال الخيال خصباً لتصور ما ستكون عليه أجواء النهار في أواسط تموز «يوليو» وآب «أغسطس»، ومعها تعاد أسطوانة أوضاع العمالة في قيظ الصيف مع لمسات الرطوبة شرق وغرب السعودية والسماء الرمادية المختنقة بالغبار. وعلى رغم استباق وزارة العمل السعودية أشهر الصيف بإقرار «فرمان» منع تشغيل العمالة تحت أشعة الشمس خلال فترات ما بعد الظهر خلال أشهر الصيف من كل عام، في القرار الذي جاء فيه «لا يجوز تشغيل العامل في الأعمال المكشوفة تحت أشعة الشمس من الساعة الثانية عشرة ظهراً إلى الساعة الثالثة مساءً خلال الفترة من بداية يوليو «تموز» إلى نهاية شهر أغسطس «آب» من كل عام»، إلا أن القرار لن يكون ساري التنفيذ إلا في صيف العام القادم 2011، مع استثناءات للعمالة في شركات النفط والغاز، وكذلك عمال الصيانة للحالات الطارئة، على أن تتخذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم من أضرار أشعة الشمس. وفي الإمارات، حظرت وزارة العمل عام 2006 العمل تحت أشعة الشمس في وقت الظهيرة من أيام الصيف في خطوة سبقتها حملة توعية واسعة النطاق لمدة شهرين، وذلك لخلق إجماع حولها من أصحاب العمل. وتفرض غرامة قدرها 30 ألف درهم إماراتي والحرمان من الحصول على تصاريح عمل جديدة لمدة ثلاثة أشهر على الشركات عن كل انتهاك لهذا الحظر، وقد زادت الوزارة الإماراتية حملات التفتيش على مواقع العمل للتأكد من الالتزام بهذا الحظر، إذ نفذت 1950 زيارة تفتيشية ووقعت العقوبة على 816 منتهكاً وبلغ مجموع الغرامات التي تم تحصيلها 9 ملايين درهم. وبحسب وزارة الخارجية الإماراتية، في رصدها لأحوال الظروف العمالية والمعيشية في التقرير السنوي الأخير لمكافحة الاتجار بالبشر، فقد قلَ عدد المخالفات الخاصة باستراحة فترة الظهيرة في شهور الصيف التي فرضتها وزارة العمل إلى حوالى النصف في عام 2009 مقارنة بعام 2008. كما تناقص عدد العمال الذين عولجوا في المستشفيات من إصابات الإنهاك الحراري بنسبة 25 بالمئة على الأقل. ووعدت الوزارة الإماراتية بخططٍ لتمديد الاستراحة التي يستفيد منها مليون عامل بناء خلال شهرين أو ثلاثة أشهر من شهور الصيف من يونيو إلى نهاية أغسطس. ودخلت قطر حلبة السباق مع العمل في حرارة الصيف مبكراً هذا العام، فأعلنت في أيار (مايو) الماضي عن إسعاف 30 عاملاً بعد تعرضهم لضربات شمس، كان من بينهم 5 عمال تعرضوا لضربات حادة استدعت إسعافهم لمدة يومين إلى 3 أيام. ويحدد قانون العمل القطري توقيت الصيف من 15 يونيو إلى 31 أغسطس، وينص على منع العمل في الظروف المناخية القاهرة خلال فصل الصيف، بموجب قرار أصدره وزير شؤون الخدمة المدنية والإسكان سابقاً، والذي يقرر تحديد ساعات العمل في الأماكن المكشوفة خلال فصل الصيف. وبموجب القرار الوزاري القطري في 2007، فإنه تقرر تحديد ساعات العمل في الأماكن المكشوفة تحت أشعة الشمس خلال فترة الصيف، ومنع إدارة العمل من تشغيل العمالة لأكثر من 5 ساعات في الفترة الصباحية، على ألا تتجاوز الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاَ، فيما تبدأ الفترة المسائية قبل الساعة الثالثة عصراً. وحذر القرار الوزاري القطري من أن المخالفين يقعون تحت طائلة القانون، وطالب بضرورة تكثيف الحملات الرقابية واتخاذ إجراءات رادعة ضد جهات العمل المخالفة. فيما أوجب القرار على أصحاب العمل أن يضعوا جدولاً بأماكن العمل يحدد ساعات العمل اليومية طبقاً لهذا القرار، وأن يعلق الجدول في مكان ظاهر، بما يمكن جميع العمال الاطلاع عليه، ويسهل على مفتشي العمل ملاحظته أثناء جولاتهم التفتيشية. وقضى القرار بإغلاق مكان العمل الذي لا تراعى فيه تلك الأحكام لمدة لا تتجاوز شهراً. وتقرر المعايير الدولية للعمل ضوابط وإجراءات محددة للعمل الميداني على العمال وأصحاب العمل، وبحسب إدارة الصحة والسلامة الوظيفية في وزارة العمل الأميركية OSHA والتي تعد قوانينها الأكثر شمولية وخبرة في هذا المجال، فإن احتواء ضوء الشمس على الأشعة فوق البنفسجية يسبب الشيخوخة الباكرة للجلد والتجاعيد وإعتام عدسة العين وسرطان الجلد. وتحذر إدارة الصحة والسلامة الأميركية من فترات الراحة والاسترخاء «ليست آمنة تحت إشعاعات الأشعة فوق البنفسجية ليست آمنة... لأن احتمالية وقوع الحروق تزداد بسهولة». وتدعو إلى أخذ كثير من الوقت في الهواء الطلق، مع المحافظة على تغطية الجزء الأعلى من الجسم، ولبس الملابس الفضفاضة والطويلة الأكمام، إضافة إلى القمصان والسراويل الطويلة، وإلى استخدام الواقيات من الشمس. كما نصحت بارتداء القبعات ذات الحواف الواسعة، لأنها تعمل على نحو أفضل لكونها تحمي الرقبة والأذنين والعينين والجبين والأنف وفروة الرأس، مع ارتداء النظارات الشمسية الماصة للأشعة فوق البنفسجية (حماية العين)، إضافة إلى الحد من التعرض للأشعة فوق البنفسجية الأكثر كثافة بين 10 صباحاً والساعة 4 مساءً. وتشدد الإدارة الأميركية على التحذير من خطر الجمع بين الحرارة والرطوبة، إذ يمكن أن تشكل تهديداً صحياً خطراً خلال أشهر فصل الصيف، خصوصاً لمن تضطرهم وظائفهم إلى العمل خارجياً على سبيل المثال، في المنتجعات الشاطئية وفي المزارع وفي مواقع البناء أو في المطابخ والغسيل والمخابز. ولذلك تضع المنظمة الصحية الأميركية الاحتياطات اللازمة ومنها، شرب كميات صغيرة من المياه في كثير من الأحيان، ولبس ملابس ذات الألوان الفاتحة والفضفاضة لتسمح بمجال للتنفس، خصوصاً الملابس القطنية الجيدة، مع أخذ فترات راحة قصيرة متكررة في ظل بارد، وتناول الطعام على وجبات صغيرة أثناء العمل، و تجنب الكافيين والكحول أو كميات الكبيرة من السكر، والانتباه لأي تفاعلات صحية لمستخدمي الأدوية. وأشارت إلى أن هناك ثلاثة أنواع مرضية رئيسية ترتبط بارتفاع درجات الحرارة وهي اضطرابات التشنج الحرارية، والإجهاد الحراري والحرارة في المخ.