أصدر ديوان المظالم في الباحة أمس، حكماً بإدانة قائد الدورية الأمنية وقائد مركبة «الأمر بالمعروف»، والحكم عليهما بالسجن أربعة أعوام لكلٍ منهما، مع وقف تنفيذ عقوبة السجن، والاكتفاء بما أمضياه من سجن، وتبرئة البقية، في قضية ما يعرف ب «مطاردة بلجرشي» التي نتجت منها وفاة شخص، وإصابة أفراد أسرته. وجاءت إدانة ديوان المظالم لسائقي الدورية الأمنية ومركبة «الأمر بالمعروف» بعد أن حققت اللجنة العليا المشكَّلة في الحادثة التي راح ضحيتها مواطن، وبُترت يد زوجته الحامل، وأصيب طفلاه بإصابات خطرة، وتمت فيه إدانة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الباحة، وإحدى الدوريات الأمنية بالمنطقة بالتسبب في مقتل مواطن، وإصابة عائلته بإصابات متفرقة، إثر مطاردات وصفتها بأنها مخالِفة للتعليمات، وتمثل «تصرفاً فردياً»، فيما قرر المدعى عليهما الثاني والسابع عدم قناعتهما بالحكم، كما قرَّر ممثل الادعاء عدم القناعة به. وتضمن حكم ديوان المظالم إدانة سائق دورية «الأمر بالمعروف» وسائق «الدورية الأمنية» (سعوديا الجنسية) بما نُسِب إليهما من جريمتي إساءة المعاملة باسم الوظيفة، وسوء الاستعمال الإداري، وتعزيرهما عن ذلك بسجنهما لمدة أربعة أعوام، مع وقف تنفيذ عقوبة السجن، فيما أدان الحكم خمسة أشخاص سعوديي الجنسية بما نسب إليهم من جريمتي إساءة المعاملة باسم الوظيفة، وسوء الاستعمال الإداري، وذلك لما هو مبين في الأسباب، إضافة إلى عدم إدانة ستة أشخاص (سعوديو الجنسية) بما نسب إليهم من جريمة التزوير في محرر رسمي، وذلك لما هو مبين بالأسباب. من جهته، أوضح المحامي والمستشار القضائي عبدالعزيز العنزي ل «الحياة» أن الحكم الصادر يمثل الحق العام، ولا يزال الحق الخاص قائماً في حال عدم تنازل أولياء الدم. وقال العنزي: «إن الحكم القضائي الصادر في الدعوى ضد بعضٍ من أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأفراد من رجال المرور يدل بجلاء على مبدأ استقلالية القضاء في السعودية، وأنه غير قابل بحال من الأحوال الانصياع وراء من يشكك في استقلاليته ونزاهة قضاته، أو انحيازهم إلى طرف دون الآخر». وأفاد بأن الحق المدعى به في حال ثبوته لا يحول بينه وبين الحكم به والإلزام أي حائل، وهو الأمر الذي يرسخ في النفوس أن جهاز الحسبة ليس معصوماً، وهو كأي جهاز في الدولة، وإن كانت إيجابياته فاقت السلبيات، وعليه فلا ينبغي الخوض في عدم مهنية رجال الهيئة أو رجال الأمن، خصوصاً أنه تصرف أفراد لا يؤاخذ به الجهاز برمته. من جهة أخرى، أكد شقيق المواطن عبدالرحمن الغامدي الذي توفي في حادثة سير في التاسع من تموز (يوليو) 2012، إثر مطاردة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له، وإصابة أسرته بعد خروجهم من أحد المتنزهات أن القضاء لم يكن منصفاً بالحكم في قضية شقيقه، معتبراً أن الحكم «حبر على ورق». وقال: «إنني غير راضٍ عن الحكم الذي صدر عن ديوان المظالم، إذ نص الحكم على إدانة سائق الدورية الأمنية وقائد سيارة الهيئة، وتم الحكم عليهما بالسجن مدة أربعة أعوام مع وقف التنفيذ، والاكتفاء بما أمضياه من مدة في السجن، إضافة إلى تبرئة البقية». وأفاد بعدم قبوله بهذا الحكم، إذ أبدى استغرابه من الحكم والطريقة التي بني عليها، لافتاً إلى أن هذا الحكم لا يعوض ولو جزءاً بسيطاً من الفقد، والعذاب النفسي والجسدي الذي عانت منه أسرة شقيقه المتوفى. وأشار إلى وجود وكيل شرعي مكلف بمتابعة القضية، إذ سيتم الاجتماع به لنقض الحكم، مبيناً أن جميع المدانين تمت تبرئتهم، بينما المتسببان الرئيسان في الحادثة تم إيقاف تنفيذ الحكم بحقهما حالياً، رغم الجهود التي بذلت من أمير المنطقة، المسؤولين، واللجان التي تم تشكيلها. يذكر أن المواطن عبدالرحمن الغامدي البالغ من العمر 35 عاماً كان يتنزه مع عائلته في متنزه «الشقران»، وعند خروجه من المتنزه حصل نقاش بينه وبين رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ طادرته مركبة الهيئة ودورية أمنية مسافة تتراوح بين أربعة وخمسة كيلو مترات وبسرعة عالية، ما تسبب في وقوع الحادثة التي أدت إلى وفاة عبدالرحمن الغامدي، وبتر كف زوجته، إضافة إلى إصابة طفليهما بإصابات بليغة.