أعادت عملية القبض على حدثين حاولا سرقة إحدى السيارات في محافظة جدة خلال الفترة الماضية، فصول الجدل مرة أخرى حول المخرجات التي تقدمها دور الملاحظة الاجتماعية، وإسهامها في تحول إجرام «الأحداث» إلى ظاهرة.وظهرت ملامح الجدل، حينما رفض مدير شرطة محافظة جدة اللواء علي ابن محمد السعدي وصف محاولة عدد من «الأحداث» تنفيذ سرقات طائشة ب«الظاهرة»، مشيراً إلى أن دور الملاحظة يوجد فيها اختصاصيون اجتماعيون ونفسيون يملكون الكفاءة للتعامل مع «الأحداث» بطرق خاصة، فيما حذرت الاختصاصية النفسية سميرة الغامدي من فكرة إيداع «الأحداث» الذين هم في سن صغيرة جداً في هذه الدور التي تزيد (بحسب رأيها) من سلوكهم الإجرامي. وتأتي هذه الآراء بعدما نشرت «الحياة» خبراً عن القبض على حدثين في السابعة والتاسعة من العمر قبل أيام عدة في حي النزهة في جدة، هشما سيارة لسرقة ما بداخلها، وعزمهما تنفيذ عملية أخرى في إحدى السيارات قبل أن يشاهدهما أحد المواطنين ليبادر بإبلاغ الجهات الأمنية التي ألقت القبض عليهما. وشدد مدير شرطة محافظة جدة اللواء علي بن محمد السعدي في حديثه إلى «الحياة» حول هذه المسألة بقوله: «إن مثل هذه القضايا المتعلقة بالأحداث لا تعد ظاهرة بهذا المعنى، بل وغير منتشرة»، مشيراً إلى وجود آلية خاصة للتعامل معها تكمن في إلقاء القبض على «المتورط» في أي قضية جنائية وتسليمه على الفور إلى دار الملاحظة التي تتولى التحقيق معه بحضور الاختصاصي الاجتماعي، وعرضه على قاضي الأحداث الذي يحدد الإجراء المناسب بحسب نوع القضية، سواء بإطلاق سراحه أو إيقافه في الدار. وأكد السعدى عدم اتخاذ أي إجراء ضد ولي أمر الحدث إذا لم يكن طرفاً في القضية، إلا أنه في حال إطلاقه يُستدعى ولي الأمر لتحرير تعهد خطي بالمحافظة على الحدث ومراقبة سلوكه حتى لا يتورط في قضية أخرى، موضحاً أن الأحداث يعاملون بطرق خاصة في دور الملاحظة التي يوجد فيها اختصاصيون اجتماعيون ونفسيون. بدورها، رفضت الاختصاصية النفسية سميرة الغامدي، فكرة إيداع «الأحداث» الذين هم في سن صغيرة دور الملاحظة التي تزيد (بحسب رأيها) من سلوكهم الإجرامي نتيجة وجود أطفال آخرين في قضايا أخرى أو مشابهة فيتبادلون الخبرات والطرق، ليخرج الحدث من الدار ولديه وسائل وطرق أخرى جديدة ويبدأ في تجربتها، وبالتالي يتورط في قضايا أكبر. وطالبت بضرورة إخضاع الأطفال لبرامج تأهيلية في مراكز متخصصة وليست دور إصلاح وتسليمهم لذويهم، والبدء في عمل بحث اجتماعي وتأهيل للأسرة والطفل، ومساعدة الأسرة إذا أثبتت الدراسة وجود فقر لتوافر حاجتها بما يكفل الحاجة الرئيسية للأسرة والطفل، وإعادته إلى المدرسة وجعله تحت برنامج ملاحظة ومراقبة بدلاً من سجنه عاماً أو عامين أو حتى فترة أقل من ذلك قد يطلق بعدها مجرماً لديه بدلاً من الوسيلة التي استخدمها وسائل أخرى عدة. وأفادت الغامدي أن قضية الطفلين ذوي السبع والتسع سنوات اللذين مارسا السرقة، لا بد وأن وراءهما من ينظم لهما مثل هذه الأفعال المشينة من ضعاف النفوس خارج المنزل، مستغلين صغر سنيهما لعدم الشك فيهما، مشيرة إلى أن الأطفال في هذه السن يعتبرون ما فعلوه مغامرة لا يدركون مخاطرها. وأضافت: «هناك أسباب أخرى تولّد هذا السلوك، مثل العنف الأسري الذي لم أقصد منه هنا الضرب، بل هناك عنف جنسي وعنف إهمال، مثل ترك الطفل في الشارع فترات طويلة من دون أي اهتمام أو مراقبة، وعنف نفسي مثل المشكلات داخل الأسرة أو إدمان رب الأسرة المخدرات، إضافة إلى الإساءات اللفظية، ما يجعله يلجأ إلى الشارع الذي يلتقي فيه بمن يمكن أن يستغله لتنفيذ أعمال وسلوك إجرامية، وهناك من الأطفال من يلجأ لهذا السلوك الإجرامي على رغم حداثة سنهم لأسباب الحاجة والفقر ومساعدة الأسرة، ومن خلال ما يتعرضون له من إيذاء لفظي وغيره من رب العمل وطرده لهم فيلجأ الواحد منهم إلى الشارع لمحاولة توفير حاجته من خلال السرقة».