كتبت الأسبوع الماضي عن جِدّ السيدات السعوديات وجهدهن واجتهادهن من وحي مؤتمر لهن عن إعاقات النمو تابعت بعضه في جدة، ولم ينته الأسبوع حتى كنت في البحرين ووجدت نماذج مشرفة أخرى عن نشاط سيدات الخليج، وهو ما قدرته قبل أن أراه، فقد قلت عن جهود السيدات السعوديات «لا بد من ان هناك مثلها في بلدان عربية أخرى». في البحرين حضرت الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، وسمعت الشيخة مي الخليفة، وزيرة الثقافة والإعلام، تطلق جائزة البحرين لحرية الصحافة. وفهمت ان ستكون هناك إدارة تنفيذية للجائزة السنوية، وهي بقيمة مئة ألف دولار، تحدد شروط التقدم بالأعمال المرشحة، والهدف تعزيز الإعلام المدني، وتطوير الإعلام على اساس الاعتبارت المهنية والثقافية للمجتمع، ودعم الحريات الصحافية في البحرين والبلدان العربية. وكانت فرصة أن أجد بين المشاركين مجموعة كبيرة من الأصدقاء مثل محمد المطوع ونبيل الحمر، وأيضاً الزميل باتريك سيل، ونقيب الصحافيين المصريين مكرم محمد أحمد، ونجيب فريجي، مدير مركز الأممالمتحدة للإعلام لبلدان الخليج، الذي ألقى كلمة الأمين العام بان كي مون، وآيدن وايت من الاتحاد الدولي للصحافيين وكثيرين آخرين، ولا أنسى الزميلة بارعة علم الدين، وأخاها أكرم مكناس، فأنا لا أراه إلا وأعود الى الاسم بارعة مكناس الذي عرفتها به ايام البدايات في بيروت. عندما لا تكون الشيخة مي مشغولة بالثقافة والإعلام، فهي تتابع عمل مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث الذي ترأسه، أو هي تحاول حماية كل بناء قديم وبيت في البحرين. فالمحافظة على التراث قضية شخصية عندها، وقد رأيت معها نتائج جهدها التراثي وانتهينا مع بعض المشاركين في عمارة بن مطر التي تحتضن المعارض الفنية ونشاطات ثقافية متنوعة. في اليوم التالي ذهبت لزيارة الأخت الدكتورة رفيعة غباش، رئيسة جامعة الخليج، فزيارة البحرين لا تكتمل من دون التعريج على الجامعة حيث تنافس البنات الشبان في التحصيل العلمي ويتفوقن عليهم، كما يفعلن في السعودية وغيرها. وجدت الدكتورة رفيعة فخورة بإنجاز علمي غير مسبوق أطلق عليه اسم «إسراء» لتزامن الاكتشاف في الشهر الفضيل مع الإسراء والمعراج، والحروف الأولى من الاسم العربي مأخوذة من اسم الاكتشاف بالإنكليزية وهي صدفة طيبة. الجامعة حصلت على براءة اختراع دولية لاكتشاف «إسراء» كما سجل في نشرة دورية المناعة وبيولوجيا الخلية التابعة لمجموعة «نيتشر» تحت اسم الدكتور معز بخيت (وهو شاعر ايضاً) باحثاً أول والباحثة صفاء طه باحثاً مشاركاً. وأنقل عما قرأت منعاً للخطأ، فقيمة «إسراء» تتلخص في اكتشافه كمركّب طبي فعال قد يسهم في علاج امراض المناعة المكتسبة والأمراض السرطانية، ويعمل بطريقة فيزيولوجية لتنشيط جهاز المناعة. هناك المزيد إلا أنني لن أترك القارئ يضيع كما ضعت، فقد حاولت الدكتورة رفيعة غباش، وهي عالمة نفس اكلينيكية، ان تشرح لي الموضوع، وتذكرت جهود ابنتي وهي تحاول ان تشرح لي عملها في بنك دولي. الجهد العلمي كله يحتضنه مركز الأميرة الجوهرة بنت ابراهيم البراهيم للطب الجزيئي وعلوم الموروثات والأمراض الوراثية. وكان الملك حمد بن عيسى تبرع بالأرض، وتبرعت الأميرة الجوهرة بنفقات المشروع كلها. ورأيت العمل يكاد يكتمل في صالة مؤتمرات واسعة تحمل اسم الأمير عبدالعزيز بن فهد الذي تبرع بنفقات بنائها. أعرف البحرين منذ 40 سنة، وهي تقدمت أربعمئة سنة في أربعة عقود ومثلها بلدان الخليج الأخرى من عُمان الى الإمارات وقطر الى الكويت التي كان لها فضل الريادة. وكان أوضح تقدم وأجمله وأنبله تعليم البنات حتى رأيناهن رئيسات جامعات وقياديات في كل حقل أعطين فرصة للعمل فيه. هذه السطور لن تنشر حتى أكون في دبي للمشاركة مرة أخرى في الاجتماع السنوي لمنتدى الإعلام العربي الذي خلف نادي دبي للصحافة، وخلفت الأخت مريم بنت فهد فيه الأخت منى المري، مع مجموعة من الصبايا والشبان اصبح لهم بالممارسة بعد دولي وتأثير يتجاوز حدود المنطقة العربية. المؤتمر الثامن هذه السنة يعقد تحت العنوان «مراسلو الوكالات الأجنبية: بيئة العمل في المنطقة العربية»، وأرجّح ان أكتب عنه فأكتفي اليوم بتحية نساء الخليج لأنهن رفعن رؤوسنا كما لم يرفعها الرجال.