منذ قيامها ببطولة فيلم المخرج الإيراني عباس كياروستامي «نسخة طبق الأصل»، ومشاركة هذا الفيلم في مهرجان كان الأخير، لم تهدأ الزوابع في وجه الممثلة الفرنسية جولييت بينوش. واتفقت جهات إيرانية مختلفة في توجهها السياسي على تسديد الهجوم العنيف إلى تلك الممثلة، غير أنه كانت لكل أسبابه الخاصة. وكان عدد من الصحف الإيرانية قد شرع في مهاجمة بينوش ما إن تم الإعلان عن مشاركة الفيلم في مهرجان «كان». ولكن ما أن بدأت الممثلة الفرنسية تدلي بالمقابلات والتصريحات، حتى ارتفعت وتيرة الانتقاد ضدها ومن كل الجهات. ففي فرنسا وجهت إليها جمعية «الفن في المنفى» الإيرانية والتي تتخذ من باريس مقراً لها، رسالة مفتوحة استهلت بالقول: «نحن الفنانين الإيرانيين في المنفى نهنئ (بينوش) لتعاونها ولصداقتها الحميمة مع السيد كياروستامي القريب من نظام آية الله»، واعتبر هؤلاء أن بينوش بدعمها مخرجاً مثل السيد كياروستامي الأكثر شهرة في السينما الإيرانية حالياً «تمد يدها للنظام»، كما طالبوها بالاطلاع على رسالة كان كياروستامي قد وجهها إلى الرئيس أحمدي نجاد خلال انتخابات 2005 (أثناء الحملة الانتخابية)، وقالوا بحقها عبارات قاسية من نوع «لا يمكننا تخيل ممثلة مثلك تتحسس لتعاسة الآخرين يمكن لها أن تشارك في أعمال مخرج ليس لديه أدنى حساسية أمام بؤس شعبه وجرائم أصدقائه». ثم بعد سرد مفصل للأوضاع المعيشية والاقتصادية والسياسية في إيران خاطبوها بالقول: «السيدة العزيزة بينوش تابعي صمتك المحترم وغفوتك التاريخية بالنسبة الى الرقابة(...) لأننا على ثقة أنه ليس لديك لا الوقت ولا الصبر للكلام عن أمور عادية وغير مهمة مثل تلك التي ذكرناها»، منبهين إلى نيتهم رفع شكوى أمام محكمة الجزاء الدولية ضد النظام وضد «هؤلاء الذين يدعمونه في شكل مباشر أو غير مباشر». ولم يكن الهجوم على بينوش في إيران أقل حدة، فقد نشرت صحيفة «وطن إمروز» المحافظة مقالاً هاجم فيه الكاتب الممثلة بعنف، وتحسر على اهتمام الصحافة الإيرانية بإحدى الممثلات الفرنسيات التي «تصدمنا في ممارستها للعري»، وذكّر بأحد أفلامها المعنون «للأسف» حيث تظهر العلاقات المخفية بين رجل وخطيبة ابنه، متهماً العمل بأنه لا يراعي أدنى اعتبار للأخلاق العائلية. وندد المقال بمشاهد عدة تظهر فيها الممثلة وهي تضاجع أشخاصاً مختلفين. وفوق كل هذا، يتابع المقال، «زارت السيدة بينوش إيران بدعوة من كياروستامي ونشرت لها الصحف صورة مع «سيادته» وهي تتناول وجبة إيرانية تقليدية «واختتم الهجوم بوصف الممثلة ب «العاهرة» وأنها دعمت مخرجاً خائناً كذب بخصوص الانتخابات وطالب بدعم «الزقاقيين» والمقصود به جعفر بناهي. وتجدر الإشارة إلى أن معاون وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي لشؤون السينما صرح بأن الفيلم وعلى رغم أنه «ليس سيئاً»، كونه يضع الإصبع على مشاكل اجتماعية في أوروبا، فلن يعرض في إيران بسبب «الملابس غير المحتشمة للممثلة». ويشار إلى أن شركة أميركية قد اشترت حقوق توزيع «نسخة طبق الأصل» ما يجعل فرصة عرضه على الشاشات الإيرانية شبه معدومة بحسب الصحف الإيرانية.