أعلن البنك الدولي أن المالية العامة في اليمن تتعرّض لضغوط شديدة، واتّسع عجزها من نحو 5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2014، إلى 11.4 في المئة عام 2015. وأشار البنك في تقرير حمل عنوان «المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - ربيع 2016»، إلى «توقّف التمويل الأجنبي للموازنة إلى حد كبير، بسبب تعليق كثر من شركاء التنمية مشاركتهم، وحيثما أمكن، انتقل الشركاء إلى عمليات الطوارئ والإغاثة». وتراجعت حصيلة الضرائب من القطاعات غير النفطية نحو 25 في المئة مقارنةً بعام 2014. واضطرت الحكومة إلى تأجيل أو تعليق الكثير من التزامات الإنفاق العام، في حين أوفت بالتزامات دفع الأجور والفائدة، وتم خفض كل العلاوات على الأجور، كما توقّف الاستثمار العام كلياً. ولفت التقرير إلى أن «الصراع المتصاعد منذ آذار (مارس) 2015، أدّى إلى تعقيد السياسة الخاصة بالنقد وأسعار الصرف، كما أدّت خسائر عام 2015 في التمويل الأجنبي، خصوصاً في صادرات النفط والغاز، إلى زيادة الضغوط على احتياطات المصرف المركزي من النقد الأجنبي، ما حدّ تدريجاً من الحيّز المتاح لتمويل الواردات مع الحفاظ على سعر صرف ثابت». وتراجعت احتياطات النقد الأجنبي إلى أقل من بليوني دولار أواخر عام 2015، ما يكفي نحو شهرين من الواردات، وبالتالي توقّف المركزي في شباط (فبراير) الماضي عن مساندة الواردات بسعر الصرف الرسمي باستثناء القمح والأرز. وأضاف التقرير: «أصيب النسيج الاقتصادي والاجتماعي في البلد بالشلل بعد عام من الصراع، فانكمش الاقتصاد العام الماضي بنحو 28 في المئة، كما أدّى الصراع المتصاعد إلى تعطّل النشاطات الاقتصادية وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع». ومنذ الربع الثاني عام 2015، توقّفت صادرات النفط والغاز، كما انكمشت الواردات، باستثناء المنتجات الغذائية ومنتجات الطاقة الحيوية. وبلغ معدّل التضخّم السنوي نحو 30 في المئة، ويتوقّع ارتفاعه مع استمرار ضعف أداء المالية العامة. وتابع التقرير أن «أزمة إنسانية كبيرة تتكشّف أبعادها في مواجهة الصراع والحرب، وكانت المؤشّرات الاجتماعية ضعيفة بالفعل قبل أزمة عام 2015، فاليمن يعاني من أعلى معدّل لانتشار الفقر في الشرق الأوسط، إذ يعيش نحو 37.3 في المئة من السكان تحت خط الفقر البالغ دولارين (تعادل القوة الشرائية عام 2005) للفرد في اليوم، كما أن الفقر أكثر استشراءً واستمراراً في المناطق الريفية. ويعاني اليمن أيضاً أعلى معدّلات سوء التغذية في العالم، إذ يعاني نحو 60 في المئة من الأطفال دون الخامسة من سوء تغذية مزمن، و35 في المئة من نقص الوزن، و13 في المئة من سوء تغذية حاد. وحتى نهاية عام 2015، بلغ عدد المشرّدين داخلياً نحو 2.5 مليون شخص. ويعاني الفقراء أكثر، إذ يحتاج 21.2 مليون يمني أو نحو 82 في المئة من السكان، إلى مساعدات إنسانية طارئة، ويواجه 14.4 مليون يمني نقصاً مزمناً في الأمن الغذائي، ما زاد بنسبة 35 في المئة منذ بداية الصراع، كما يفتقر 19.3 مليون يمني إلى مياه الشرب المأمونة أو خدمات الصرف الصحي. ووفق مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أدّى ذلك إلى زيادة حادّة في معدّلات سوء التغذية والأعباء المرضية، حيث بات الناس، لا سيّما الصغار، عُرضةً للإصابة بالإسهال والكوليرا بسبب اضطرارهم إلى الاعتماد على استخدام المياه من مصادر غير محمية. وأشار التقرير إلى أن «الآفاق الاقتصادية والاجتماعية لليمن خلال العام الحالي وما بعده، ستعتمد بشدة على تحسينات سريعة على الصعيدين السياسي والأمني كي تتسنّى إعادة بناء الاقتصاد. وأضاف: «يلزم تقديم مساعدات الإغاثة والمساعدات الإنسانية الأساس إلى كثر يعانون من الصراع في المدى القصير، وحتى في فترة ما بعد الصراع، سيعتمد البلد أكثر من أي وقت مضى على المساعدات الخارجية ومساندة المانحين للتعافي من آثار هذا الصراع وإعادة بناء الثقة، بما في ذلك الثقة في مؤسسات الدولة». وأكد أن «استعادة السلام والاستقرار السياسي أمر مهم جداً للبدء في إعادة الإعمار والتصدّي لتحديات الحوكمة والتحديات المؤسسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية».