تلقى تعليمه في صباه على يد أخيه ثم التحق بإحدى مدارس الداعية المشهور عبدالله بن محمد القرعاوي، فدرس فيها القرآن والكثير من المتون العلمية، وواصل طلب العلم في المعهد العلمي في صامطة ثم كلية الشريعة في الرياض إلى أن أصبح قاضياً وختم مسيرته القضائية في التمييز. له باع طويل في الشعر فهو سريع البديهة والحفظ. لفت انتباه مفتي السعودية الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم إبان توليه رئاسة الكليات والمعاهد العلمية عندما حضر متفقداً للطلاب. إنه رئيس محكمة التمييز المتقاعد الشيخ عبدالله بن علي مطيع، الذي اعتاد تسجيل حياته وتقاريره عن عمله شعراً. تساجل ذات مرة مع وزير العدل الأسبق إبراهيم بن محمد آل الشيخ، فتكاتبا شعراً، وخاطب شعراً المدير العام لرئاسة القضاء في ذلك الوقت الشيخ عثمان بن حمد الحقيل طالباً إعفاءه من القضاء فرد عليه شعراً. كانت حياته حافلة بالعطاء الشعري في مناسبات عدة. في ما يأتي نص حوار معه. كيف تلقيت العلم في تلك الحقبة المبكرة من تاريخ المملكة؟ - عندما افتتح معهد صامطة العلمي في شهر محرم من عام 1374ه التحقت به وكان يديره الشيخ حافظ بن أحمد حكمي وهو عالم زاهد قام بالتدريس فيه حتى توفاه الله تعالى في شهر ذي الحجة بعد أداء فريضة الحج مباشرة عام 1377ه ثم تولى بعده أخوه الأكبر الشيخ محمد بن أحمد الحكمي الذي كان معلماً فيه وتخرجت من المرحلة الثانوية في المعهد عام 1379ه ثم التحقت بكلية الشريعة في الرياض عام 1380ه وتخرجت منها في 17/4/1384ه. من تذكر من زملائك ومعلميك في المراحل التعليمية؟ - زملائي كثر وأذكر منهم رئيس محاكم منطقة مكةالمكرمة قاضي التمييز الشيخ سليمان بن عبدالله العمرو والشيخ الدكتور عبدالكريم بن محمد اللاحم الذي سبق أن كان عميداً لكلية الشريعة في الرياض ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء ثم مستشاراً قضائياً في محكمة في ديوان المظالم. والعضو القضائي بمحكمة مكةالمكرمة المستشار في الديوان الملكي الشيخ علي بن مديش بجوي والعضو القضائي بمحكمة خميس مشيط الشيخ فايز بن عبدالرحمن الشهري. ومن مشايخي: قاضي محكمة بلغازي سابقاً أخي الشيخ هادي بن علي مطيع ومدير معهد صامطة العلمي الشيخ محمد بن أحمد الحكمي. والشيخ صالح بن علي الناصر والشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ مناع خليل القطان والشيخ عطية محمد سالم والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان والشيخ محمد سليمان الأشقر والشيخ زيد بن عبدالعزيز بن فياض والأستاذ عبدالظاهر بن عبدالكريم حسين من مصر والأستاذ عبدالحميد ضوء البيت من السودان. ولن أنسى أن عميد كليتي اللغة والشريعة وقت دراستي الشيخ عبدالرحمن الدخيل. وهل لانتقالك إلى القضاء قصة؟ - بعد تخرجي من كلية الشريعة بجامعة الإمام عام 1384ه عينت ملازماً قضائياً طاعة لا رغبة في القضاء، وذلك برئاسة محاكم منطقة جازان عندما كان اسمها (محكمة جازان الكبرى) آخر شهر شعبان عام 1384ه وعملت نحو عشرة أشهر حيث عينت قاضياً في محكمة هروب أوائل شهر ربيع الأول 1385ه وعملت بها قرابة 14 عاماً تخللها أن قمت بالعمل عن طريق الندب في محكمتي الحقو وبلغازي حتى نقلت إلى محكمة الشقيري في غرة صفر عام 1399ه ومكثت بها ما يقارب 17 عاماً تخللها أن عملت بالندب في محكمتي الشقيق وأبي عريش وعن طريق التكليف في محكمة ضمد وكنت أتولى إمامة المسجد في البلدين خلال تلك الفترة، وفي أواخر شهر شعبان عام 1415ه تمت ترقيتي إلى درجة قاضي تمييز بالرياض وعملت هناك حتى تمت ترقيتي أيضاً إلى درجة رئيس محكمة تمييز وذلك في 1/11/1426ه وبهذا أكون أول قاضي من منطقة جازان يحصل على هذه الدرجة القضائية ولله الحمد وفي 1/7/1427ه تمت إحالتي على التقاعد بحسب النظام إذ عملت قاضياً مدة 44 عاماً، وهذا رقم قياسي. وهل بين المشهورين اليوم من العلماء والفقهاء من كان زميلاً لك في الشريعة؟ - أذكر عدداً من الشخصيات الذين كانوا يوماً ما زملاء معي يوماً بيوم ومن أبرزهم المفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي مدير جامعة الإمام في ما بعد والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي حالياً، وغيرهم كثير ولعل دليل الجامعة يشهد بذلك في بياناته السنوية. وما قصتك مع الشعر الذي ظل يلاحقك مع أن القضاء في وادٍ والشعر في واد آخر؟ - بحمد الله أنني رزقت بقرض الشعر وأسخره في أعمال الخير وأشارك به في المناسبات، وهي هواية شجعني فيها تفاعل من حولي ومن أبعث له بقصيدة فيبادلني المشاعر بأخرى وبالسياق نفسه ومنها ما أبعث به من باب الإهداء وقد نشر لي في صحيفة المدينة عام 1407ه (رباعيات) كان لها صدى واسعاً (عبارة عن 76 بيتاً) وكانت لي العديد من القصائد التي خاطبت بها ووجهتها للعديد من الشخصيات أبرزهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز – يرحمه الله – بمناسبة عيد الفطر وكان البيت يتكون من 3 أجزاء وكذلك إلى وزير العدل آنذاك الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ والمدير العام لرئاسة القضاء سابقاً الشيخ عثمان بن حمد الحقيل كما دونت مرثية في الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ عام 1389ه وأهديت إخواني القضاة قصائد تعبر عن الذكريات والاصطياف في الطائف، وكتبت قصيدة عبارة عن همسة وداع بمناسبة تقاعدي. ودونت الكثير الذي يحتاج إلى جمع وحفظ في كتاب ليبقى من المآثر الجميلة وتخلد الذكرى وتحفظ التاريخ والمناسبة. ما قصة سؤال الشيخ محمد بن إبراهيم شعراً لطلاب كلية الشريعة واللغة، الذين كنت بينهم؟ - عندما كنت في السنة الثالثة بكلية الشريعة بالرياض عام 1382ه زارنا رئيس الكليات والمعاهد العلمية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ متفقداً للكليتين ومن خلال لقاء مفتوح طرح على الطلبة سؤالاًً شعرياً من خمسة أبيات، وطلب منهم مجاراتها، وهي عبارة عن لغز جاء فيه: طالب العلم بالمعاهد وال /كليتين مؤملاً نيل قدسه. من مجيبي كتابه عن سؤالي/تتبدى مع الوضوح بطرسه. هل مهند قد استوى مع وظل/ في التصاريف واللزوم وعكسه. وبودي أن الجواب بنظم/وببحر هو بحر نظمي بنفسه.مع سؤالي إلهنا لمجيبي/ أن يلقى النجاح في كل درسه. ما مناسبة قصيدتك التي أهديتها لوزير العدل السابق الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ – يرحمه الله – وهل وجدت صدى عنده؟ - كتبت قصيدة متواضعة للوزير الراحل الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ إبان عمله وزيراً للعدل حول القضاء والقضاة، وكنت وقتها قاضي محكمة الشقيري وكانت تتكون من 28 بيتاً أذكر مطلعها: منا الوفاء وأنتم الأنصار/ ومعاً نسير وفي القلوب قرار. والقاضي يا بدر الوزارة مورد/يرتاده الأخيار والأشرار.لا تسمعوا فينا الأقاويل التي/ يأتي بها الحساد والفجار. ورد من جانبه بقصيدة مماثلة، قال فيها: قد آتتني من الشقيري هدية/من أخ ذي قريحة شعرية. وعليك السلام يا بن علي/ بن مطيع مني وألف تحية.إن شعراً نظمته ذو معان/ رائعات تحيي النفوس الشجية. بعد أن تقاعدت، بأي خلاصة خرجت؟ - خرجت من العمل بتجارب عدة وأصدقاء كثيرين لطول مدة عملي في القضاء، والحمد لله عدت لمسقط رأسي وهذا يعني لي الكثير من الراحة الجسدية والفكرية، وأحمد الله كثيراً إذ إنني معدد للزوجات ولدي الكثير من الأولاد والبنات والأحفاد ولعل 44 سنة فيها من الجهد ما يجعلني أخلد للراحة بعد التقاعد وأقوم بشؤون أسرتي الكبيرة وتربية أبنائي وحثهم على تقوى الله في السر والعلن وفعل ما أوجب الله عليهم والتعامل بالكلمة الطيبة وحسن الخلق وشكر النعمة وبسط اليد ومصاحبة الأخيار والبعد عن الأشرار ورفاق السوء. ما حكاية طلب إعفائك من القضاء بقصيدة ؟ - عندما كنت قاضياً في محكمة هروب كتبت قصيدة عام 1385ه للمدير العام لرئاسة القضاء سابقاً الشيخ عثمان الحقيل طالباً إعفائي من القضاء لعدم رغبتي، إذ كنت أرغب في مهنة التدريس وهذا بعض ما ورد فيها: ولقد أتاح لي اللسان بصرخة وعلى المدير العام بتُ أُنادي أنا لا أرى لي القضاء كفاءة وكذا قصير الباع في الإرشاد هل من مردٍ للمعارف أو إلى دار المعاهد مرتع الأمجاد فما كان من رئيس القضاء إلا أن رد علي بالشعر أيضاً: وردت رسالة من وليد بلادي تشدو بشعر صادق ووداد شعر كروض ناظر وأزاهر برياضها تزهو مع الوراد ما رأيكم في محاولات تطوير مرافق القضاء القائمة؟ وما نصيحتك للقضاة ؟ - مهما عمل المسؤولون من جهود فسيظل الطلب قائماً بحكم التوسع العمراني والتكاثر السكاني وحدوث النوازل والمستجدات، ونصيحتي للقضاة أن يبذلوا الجهد والاهتمام بقضايا المراجعين وإنجازها بالسرعة الممكنة، كما أن تقريب المواعيد للجلسات أمر ملح لأن تأخرها يلحق الضرر بطالب الحق. ثم إنه لابد أن ينظر لكبير السن والعاجز والمرأة الضعيفة وبعد المكان، ومشقة الطريق فليتقوا الله فيمن ولاهم على رعاية حقوق المسلمين وإنهاء حاجاتهم ليكونوا عند حسن ظن ولاة الأمر وينالوا الأجر والثواب والدعاء، وخير الناس أنفعهم للناس ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم وليتقوا الظلم، فإنه ظلمات يوم القيامة وسبب لدعاء من ظلم. كما أطالب القضاة بالتواضع ولين الجانب وحسن التعامل والحفاظ على الدوام وسرعة الإنجاز وتقوى الله في السر والعلن والمثالية في كل جوانب الحياة ليكونوا قدوة لغيرهم ومكان ثقة لمن يتعاملون معهم. نسأل الله العافية. شرعت وزارة العدل في تطبيق النظام الآلي الشامل للمحاكم وكتابات العدل، فهل يعتبر ذلك كافياً للتحول المنشود نحو الحكومة الإلكترونية بحكم تجربتكم ؟ - يعتبر أحد أهم وأحدث الأنظمة وما توصلت إليه تقنية المعلومات والحاسب الآلي الذي يهدف إلى تغطية كل الأعمال والإجراءات الإدارية والشرعية التي تتطلبها سير القضايا، سواء المحاكم العامة أو المحاكم الجزئية أو المحاكم المختصة، ونشر المؤشر العقاري على موقع الوزارة وخدمة الرد الآلي للاستعلام عن المعاملات وإجازات الموظفين والوكالات وهاتف المعلومات، واختصار الإجراءات المتعبة في المحاكم وكتابات العدل والخدمات الإلكترونية التي تسهل مجريات العمل وتبسيط الإجراءات وتخدم المراجع، كل ذلك يعتبر ضرورياً تماشياً مع الحكومة الإلكترونية في المملكة وبلا شك تعتبر خطوات الوزارة في هذا الميدان رائدة، وتعدّ مواكبة عصرية حضارية.