أوردت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية في عددها الأخير، ملامح صفقة قد تبرمها إيران والبرازيل، تتمثل في تزويد الثانية الأولى مادة الايثانول التي تُستخدم وقوداً بديلاً للسيارات. وأفادت المجلة بأن «الصداقة الناشئة» بين طهران وبرازيليا، والتي أثمرت اتفاق تبادل الوقود النووي الموقّع بين إيران وتركيا والبرازيل، «حيّرت واشنطن: لمَ تصرّ هذه الدولة الأميركية اللاتينية، وهي حليف للولايات المتحدة، على التودد إلى إيران، على حساب علاقاتها» مع الجار الأميركي؟ وتشير المجلة الى وجود «تفسيرات عدة محتملة» لذلك، من بينها الطموحات النووية للبرازيل، وسعيها إلى الظهور بوصفها دولة «قوة عالمية مستقلة»، اضافة الى التبادل التجاري بين طهران وبرازيليا، والذي بلغ 10 بلايين دولار. لكن المجلة تتحدث عن جانب قد يكون أكثر أهمية ويكتسي بعداً استراتيجياً أكبر، يتعلق بزراعة السكر. البرازيل أكبر دولة زارعة لقصب السكر في العالم، وشهدت زيادة في الإنتاج بلغت 16 في المئة عن السنة الماضية. لكن الأسعار انخفضت بنسبة 57 في المئة منذ شباط (فبراير) الماضي، بسبب إغراق السوق بهذه السلعة التي لا يمكن تخزينها لأنها قابلة للتلف. من هنا، تلفت المجلة الى ان افضل وسيلة للبرازيل كي تستفيد من فائض قصب السكر، تتمثل في تحويله الى إيثانول، وهي مادة باتت البرازيل ثاني اكبر منتج لها (بعد الولاياتالمتحدة)، وأحد أبرز مستهلكيها. ويُتوقّع ارتفاع إنتاج الايثانول بنسبة 19 في المئة، ليبلغ 8 بلايين غالون هذه السنة. وتعتبر المجلة ان فائض الايثانول في البرازيل قد يشكّل «منقذاً استراتيجياً» بالنسبة الى ايران التي على رغم كونها ثاني أبرز مصدّر للنفط في «أوبك»، إلا أنها تفتقد قدرات التكرير، ما يجعلها تعتمد على استيراد البنزين. ويسعى الكونغرس الأميركي الى استغلال هذه النقطة، من خلال تبني قرار يفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تزوّد طهران مشتقات النفط التي تشمل البنزين. وأشارت «فورين بوليسي» الى ان إيران قد ترى في الايثانول البرازيلي، دواءً شافياً ل «عقب أخيل» ندرة البنزين، إذ يمكن ان يشكّل بديلاً لغالبية ال5.8 مليون غالون من البنزين التي تستوردها طهران يومياً. ورأت المجلة ان ايران بذلك تجعل العقوبات على صادرات البنزين «عديمة الجدوى، حتى قبل ان تصل الى مكتب الرئيس باراك أوباما». وتذكّر المجلة بأن البرازيل سعت طيلة سنوات، الى تصدير الفائض الذي تملكه من الايثانول، الى الولاياتالمتحدة، لكنها واجهت معارضة نواب مرتبطين بمجموعات الضغط (لوبي) الزراعية القوية في الولاياتالمتحدة، بما في ذلك منتجي الايثانول. وتفرض الولاياتالمتحدة تعرفة مرتفعة على الايثانول البرازيلي واستيراد السكر، ما يجعل سعر تلك المادة أكثر ارتفاعاً بكثير عن السعر العالمي. والمفارقة ان غالبية النواب وأعضاء الكونغرس المؤيدين للقانون الذي يفرض عقوبات على مزوّدي إيران بالبنزين، يدافعون أيضاً عن تعرفة الايثانول التي شكّلت في السنوات الأخيرة مصدر توتّر بين البرازيل والولاياتالمتحدة، إذ رفض اوباما وسلفه الرئيس جورج بوش، خلال لقائهما الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، طلبه إلغاء التعرفة. وتختتم المجلة مقالها، مشيرة الى ان «لولا يثأر لنفسه» منهما.