كثف الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد نشاطاته السياسية بعد اعتكاف ثلاث سنوات عن الساحة السياسية، ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأنه انسحب عن الساحة بسبب ملفات الفساد المالي التي فتحها الجهاز القضائي لشخصيات قريبة منه أو عملت في عهده. وهو أبدى خلال مشاركته في احتفال جماهيري بمدينة آمُل (شمال) الخميس الماضي، رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، في خطوة فسرها مراقبون بأنها بداية عودة أحمدي نجاد الى الساحة السياسية من نافذة الانتقادات الأخيرة التي وجهها المرشد علي خامنئي لشخصيات نافذة في الحكومة والرئيس حسن روحاني ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني. ولا سبب يدعو أحمدي نجاد للعودة إلى الساحة السياسية بعد النكسة التي مُني بها مرشحه الرئاسي سعيد جليلي في الانتخابات الأخيرة. لكن أطرافاً في النظام تعتقد بأن استخدام ورقة الرئيس السابق حالياً أمام دول غربية وتحديداً الولاياتالمتحدة يخفف الضغوط التي تتعرض لها إيران لتنفيذ الاتفاق النووي، خصوصاً أن المرشح الرئاسي الأميركي الجمهوري دونالد ترامب يلوّح بالعصا الغليظة أمام إيران والشرق الأوسط والاتفاق النووي. وتري هذه المصادر أن طهران تريد أن تبلغ الولاياتالمتحدة أن التنصل من الاتفاق النووي يصب في مصلحة النهج الذي اعتمده الرئيس أحمدي نجاد على صعيد تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة. ولولا الرئيس روحاني لبلغت نسبة التخصيب 60 في المئة، كما يطالب أنصار التيار المتشدد الذي ينتمي له أحمدي نجاد. وتشعر طهران بحرج امام بطء إجراءات إزالة العقوبات الاقتصادية، وخضوع البنوك الدولية لتعليمات وزارة الخزانة الأميركية في شأن عدم التعامل مع البنوك الإيرانية، رغم فتح نظام تبادل التحويلات المالية «سويفت»، وبدء تنفيذ الاتفاق النووي منذ 4 أشهر. وينقسم التيار الأصولي إلي قسمين حيال دعم ترشح أحمدي نجاد للانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ يري بعضهم أن هذا الملف يجب أن يُغلق نهائياً بسبب الإخفاقات والمشكلات التي سببتها رئاسته لإيران وعدم تذكير الشعب به، فيما يري آخرون، وبعضهم في جبهة الصمود «بايدراي» النافذة في التيار الأصولي، ضرورة عودته، بسبب عدم التزام الإدارة الأميركية تعهداتها، وصحة توقع الجبهة بأن أي اتفاق مع الدول الغربية لا يمكن أن يخدم الاقتصاد الإيراني أو مكانة إيران السياسية في المنطقة. وأمس، دعا وزير الدفاع الإيراني الجنرال حسين دهقان الولاياتالمتحدة إلى مغادرة الشرق الأوسط للسماح بعودة الهدوء إليه، وذلك في رد على وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي ندد بتحركات إيران «المزعزعة لاستقرار المنطقة». وقال دهقان: «إذا فكر الأميركيون حقاً باستقرار المنطقة، فالأفضل أن يغادروها ويوقفوا دعم الإرهابيين». أما الإصلاحيون، فيعتبرون أحمدي نجاد «ورقة محروقة»، ولا خطر من ترشحه عليهم إلا استئناف الحديث عن إخفاقاته السابقة وملفات الفساد المفتوحة أمام القضاء. وينفذ محمد رضا رحيمي المعاون الأول لأحمدي نجاد، عقوبة السجن 5 سنوات في ملف اختلاس، فيما يقبع حميد رضا بقائي معاونه التنفيذي في سجن إيفين في انتظار صدور حكم بتهمة مماثلة. ولا يستثني من ذاك بعض المعاونين الآخرين، مثل مسعود زريبافان ومحمد ملك زادة.