عكست جلسة المصارحة التي عقدت أول من أمس بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري رغبة مشتركة في تبريد الأجواء السياسية على الساحة اللبنانية خصوصاً أن لبنان يقف حالياً على عتبة التصدي لاستحقاقات رئيسة داخلياً وخارجياً أبرزها استعداد البرلمان لمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام الحالي فور اقراره في مجلس الوزراء والتهيؤ للموقف الذي سيتخذه في مجلس الأمن الدولي من مشروع فرض العقوبات على ايران بسبب موقفها من الملف النووي، اضافة الى تلويح معلمي التعليم الثانوي في القطاع العام بمقاطعة الامتحانات الرسمية. وعلمت «الحياة» من مصادر مواكبة للأجواء الإيجابية التي سادت لقاء بري - الحريري بأن موقف لبنان لجهة التصويت في مجلس الأمن الدولي طغى على اللقاء على خلفية ضرورة تدوير الزوايا باعتبار أن لبنان يمثل المجموعة العربية في المجلس وبالتالي فإن أي موقف يتخذه يجب أن يراعي فيه الوضع الداخلي لقطع الطريق على أية ارتدادات سلبية لموقفه على الساحة. ونقلت المصادر عينها عن بري قوله إنه يفضل أن يقف لبنان وراء الموقف التركي في التصويت في مجلس الأمن «لأن ما يهمنا الحفاظ على الاستقرار الداخلي وعدم السماح باللعب به وتعريضه الى انقسام، أعتقد أن الجميع في غنى عنه». كما نقلت عن بري ارتياحه الى الزيارتين الأخيرتين للحريري لدمشق واجتماعه مع الرئيس بشار الأسد، لا سيما أن الأولى تمت مع بدء جولته العربية - الأميركية فيما جاءت الثانية بعد انتهائها، معتبراً أنها «تصب في خانة تكريس الثقة والتأكيد اننا أمام مرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية - السورية من مؤشراتها الرغبة التي يبديها الحريري في التشاور مع دمشق في شأن الأمور الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». وبالنسبة الى موقف بري من مطالبته بتفسير لصرف 11 بليون دولار من خارج الموازنات خلال السنوات الماضية كشفت المصادر نفسها أن هذه المسألة كانت حاضرة بامتياز في لقاء المصارحة، وقالت إن بري لم يقصد تسجيل موقف على الحريري أو «الزكزكة» به بمقدار أنه رغب في المساعدة لإيجاد مخرج قانوني لها «نظراً الى أننا كنا مشاركين في هذه الحكومات مع أننا جمدنا مشاركتنا في إحداها وبالتالي لا بد من أن نتحمل المسؤولية بهذا الخصوص». ونقلت المصادر عن بري قوله: «لم أقصد الهجوم على الحريري أو الحرتقة على الحكومة وإنما لتوفير المخرج القانوني من خلال قطع الحساب على الموازنات السابقة قبل اقرار الموازنة للعام الحالي، باعتبار أن لا مفر منه إذا كنا نريد أن نتجاوز الماضي لنفتح صفحة جديدة تبدأ بالموازنة على أن ننصرف لاحقاً الى الإعداد لموازنة العام المقبل في موعدها». وبكلام آخر رأى بري أنه «لا بد من تشريع المخالفة لأن المسؤولية تقع علينا وعلى غيرنا». ولفت بري كما نقلت عنه المصادر الى أنه لم يستند في موقفه من الاتفاقية الأمنية الموقعة بين قيادة قوى الأمن الداخلي والولايات المتحدة الأميركية الى التقرير الذي أعده رئيس لجنة الاتصالات والإعلام النائب حسن فضل الله فحسب وإنما الى النصوص الواردة في الاتفاقية. وأكد أنه أبدى رأيه في الاتفاقية فيما رأت مصادر أخرى أنه لن يكون لهذه الاتفاقية تداعيات جديدة طالما ان مفعولها ينتهي بعد شهرين. ولفتت المصادر الى أن بري والحريري تطرقا الى ضرورة الإسراع في إنجاز ملف التعيينات الإدارية والقضائية من دون الدخول في التفاصيل. وقالت إن رئيس المجلس أبدى وجهة نظره على قاعدة أنه لم يعد من الجائز أن تبقى الدولة معطلة. وبخصوص تهديد أساتذة التعليم الثانوي في القطاع العام بمقاطعة الامتحانات نقلت المصادر عن بري أنه ضد المقاطعة بصرف النظر عن الأسباب والمطالب. وأنه من حيث المبدأ لا يمكن الموافقة على توقيت إعلان الإضراب الذي يضر بمصالح الطلاب الذين يستعدون للالتحاق بجامعاتهم في لبنان وفي الخارج. وشدد بري على وجوب العودة عن قرار مقاطعة الامتحانات وقال بحسب المصادر انه أبلغ رئيس المكتب التربوي في حركة «أمل» بضرورة الحوار بين الأساتذة والحكومة وأنه من الأفضل تأجيل الإضراب الى وقت لاحق. وأكدت المصادر أن موقف بري من مقاطعة الامتحانات كان نقله أخيراً وزير الصحة محمد جواد خليفة الى رئيس الحكومة وفيه أنه لا يوافق على أي موقف سلبي من تصحيح الامتحانات. ونقلت المصادر عن بري أنه ضد الحرتقة على الحكومة وأنه يتدخل شخصياً مع نقابة الطيارين لإيجاد حل بينها وبين مجلس ادارة شركة طيران الشرق الأوسط، مشيرة أيضاً الى أنه يعتبر الإضراب ضد الدولة والبلد في آن معاً خصوصاً ونحن أمام صيف واعد وأن أي تحرك سلبي يمكن أن ينعكس على اللبنانيين والعرب والأجانب الوافدين الى بلدنا بأعداد كبيرة تفوق كل التوقعات. وأوضحت أن بري يساعد على طريقته في مسألتي الإضرابات ومقاطعة الامتحانات وقالت إن أجواء اللقاء لم تكن سلبية وأنه أتاح الفرصة أمام تبادل الآراء بمرونة وانفتاح لا سيما أن ما يتردد من حين لآخر عن تغيير حكومة الوحدة الوطنية لا أساس له من الصحة ويأتي من باب التهويل باعتبار أن لا مصلحة لأحد بأن يقحم لبنان في أزمة على أبواب الصيف وأمام وضع دقيق في المنطقة.