تعيد الضغوط الأسرية والمجتمعية الممرضة السعودية إلى نقطة الصفر، إذ تقرر في لحظة ترك المهنة إما بالتسرب من وظيفتها، أو من خلال تركها دراستها في السنة الأخيرة في كلية التمريض. وبحسب معيدات في كلية التمريض التابعة لجامعة الملك سعود للعلوم الصحية فإن الضغوط المجتمعية على الفتاة وعائلتها تشكل السبب الرئيس في تسرب الفتاة من مهنة التمريض وبنسبة تصل إلى ال 90 في المئة. وعلى هامش حفلة تخريج الدفعة الأولى من طالبات كلية التمريض التي أقيمت أول من أمس في جدة بحضور حرم خادم الحرمين الشريفين الأميرة حصة الشعلان، قالت المعيدة خلود جميل ل «الحياة»: «إن الضغوط الأسرية والمجتمعية التي تمارس على الفتاة تسهم وبمعدل 90 في المئة في تركها العمل في مهنة التمريض، إضافة إلى ترك البعض دراسة التمريض بسبب تلك الثقافة المجتمعية العامة التي تسيء إلى العاملة في هذه المهنة». وعللت جميل سبب انتشار هذه الثقافة بين عموم السعوديين إلى طبيعة العمل المختلط في هذه المهنة، إضافة إلى طول الدوام في المستشفيات الذي يصل إلى 12 ساعة يومية، مع نوبات الليل التي تشكل الهاجس الأكبر للعوائل السعودية. وتتفق مع المعيدة خلود جميل نظيرتها خلود أبو داود التي أكدت في حديثها إلى «الحياة» عدم وجود الدعم المعنوي للاستمرار في هذا الجانب، وقالت «في أول أيام التحاقي بدراسة التمريض لم أجد من يشجعني من الأهل، إذ كانوا يحاورونني في إمكان تغيير تخصصي الدراسي، ولكن بعد مرور فترة من الزمن تغير فكرهم حول أهمية ما أدرس، خصوصاً عندما وجدوا حرصي على إكمال دراستي في هذا المجال». ولفتت إلى أن الفكر السائد في المجتمع غير مساعد على إكمال الفتاة السعودية مشوارها في مهنة التمريض، إذ أسهم في تناقص عدد زميلات دفعتي الدراسية. وزادت: «عندما بدأنا الدراسة في كلية التمريض كان عدد الطالبات في دفعتي 120 طالبة، بيد أن هذا الرقم لم يستمر منه في الدراسة سوى 90 طالبة فقط، أي تخلف عنا ما يربو على الربع، إذ تسرب الكثير من الفتيات أثناء مراحل الدراسة». وأرجعت أبو داود أسباب التسرب لضغوط الأهل التي منعتهم من الاستمرار. وعلى النقيض من «الخلودين» فإن نظيرتهما المعيدة رحمة العلوي أوضحت أنها وجدت ترحيباً ودعماً من عائلتها لقرارها بدراسة تخصص التمريض. وقالت: «لم أجد أحداً عارض فكرتي، بل وجدت دعماً جيداً، خصوصاً وأن غالبية الفتيات لدينا في العائلة يدرسن في تخصصات طبية مختلفة». وعزت العلوي سبب تسرب الفتيات الرئيس من مهنة التمريض بعد دراستها والعمل بها إلى عدم تقبلهن الشخصي لهذه المهنة، وعدم قناعتهن بأهمية الاستمرار فيها. وتابعت تقول: «هناك فتيات لا يجدن أنفسهن في المهنة بعد ممارستها، إضافة إلى الضغوط الأسرية ونظرة المجتمع ما يجعلهن يصلن إلى قرار ترك المهنة والبحث عن وظائف إدارية غير تخصصهن الحقيقي». ولا تقتصر النظرة السلبية للممرضة السعودية على عدم قناعة المجتمع والأسر بعملها في مكان مختلط ولساعات طويلة إضافة إلى النوبات الليلية، إذ تعدت هذه النظرة إلى عدم قناعة المرضى بها كونها سعودية.