بدا واضحاً مدى التناغم الذي حدث في الفترة الأخيرة بين المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي وجماعة «الإخوان المسلمين» لجهة إعلان «الإخوان» إمكان حشدهم الناس خلف مطالبه الإصلاحية، فيما أعلن البرادعي دعمه حق الجماعة في أن يكون لها حزب سياسي بمرجعية دينية. لكن أموراً عدة ما زالت عالقة بينهما وقد يحسمها لقاء من المنتظر أن يعقد قريباً بين البرادعي والمرشد العام الدكتور محمد بديع. والتقى الدكتور البرادعي أمس عضو مكتب إرشاد الاخوان رئيس كتلة الجماعة في مجلس الشعب (البرلمان) النائب سعد الكتاتني في مقر الكتلة في ضاحية المنيل (جنوبالقاهرة). وأكد الجانبان أن اللقاء لا يحمل أي رسالة للنظام أو رد فعل على ما حدث في انتخابات الشورى التي أجريت الثلثاء الماضي ولم تفز فيها جماعة «الإخوان» بأي مقعد. ويسعى البرادعي منذ عودته إلى القاهرة في شباط (فبراير) الماضي إلى تغيير الوضع الداخلي الراكد في البلاد. لكن محللين يرون أن أي جهد نحو إجراء إصلاحات في البلاد لن ينحح من دون التحالف مع «الإخوان». وأشار البرادعي خلال مؤتمر صحافي مقتضب عقده عقب اجتماعه بالدكتور الكتاتني إلى «أنه لا يمانع من زيارة المرشد العام للجماعة أو لقاء أي شخص في مصر يريد الإصلاح أو المشاركة في التغيير». وأثار التقارب الأخير بين البرادعي وجماعة «الإخوان» جدالاً كبيراً خصوصا بين أوساط العلمانيين الذين اعتبروا أن ذلك التقارب يتعارض مع أفكار البرادعي في شأن الدولة المدنية. وكثيراً ما يؤكد قادة «الإخوان» أن برنامجهم لا يعتمد على قيام دولة دينية وإنما دولة مدنية ذات مرجعية دينية، وهو ما اعتبره البرادعي «حقاً للإخوان»، مشيراً إلى أن انتزاع هذا الحق من الجماعة يتعارض مع الدستور المصري الذي يؤكد أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، في حين يقابل تأكيد «الإخوان» حول الدولة المدنية دائما بمزيد من التشكك من قبل معارضيها. ومن المنتظر أن يلتقي البرادعي خلال الاسابيع القليلة المقبلة مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع. وأشار القيادي الإخواني سعد الكتاتني ل «الحياة» إلى إن مناقشات ستحدث للترتيب لهذا اللقاء، مؤكداً أن جماعته لا تمانع في لقاء أي فرد من الشعب المصري يسعي إلى الإصلاح السياسي في البلاد. ويتوقع مراقبون أن يحسم هذا اللقاء، إن حدث، كثيراً من الالتباس في المواقف خصوصاً في شأن مسألة الدولة المدنية، وكيفية التنسيق بين البرادعي و«الإخوان» خلال الفترة المقبلة. وجلس البرادعي بجوار الكتاتني وخلفهما لافتة كبيرة حملت شعار «الإخوان» وبجوارهما العلم الأخضر المميز للجماعة، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي شهد إقبالاً محدوداً وحضره عدد من نواب «الإخوان». وأوضح الكتاتني ل «الحياة» أنه تم خلال اللقاء تجديد تأكيد التمسك ب «المطالب السبعة التي طرحها البرادعي» في إشارة إلى دعوته إلى إزالة القيود للترشح على مقعد رئاسة الجمهورية وتحديد فترة الرئاسة بولايتين إضافة إلى رقابة قضائية ودولية على الانتخابات في مصر ورفع قانون الطوارئ. وأشار إلى أن جماعته توافق على حشد مناصريها خلف البرادعي «كما أننا سنقوم بحملات لجمع التوكيلات للبرادعي التي تفوضه إجراء إصلاحات في البلاد». وأوضح الكتاتني: «نحن مع البرادعي في الإصلاح أما اختيارنا لتأييد مرشح بعينه للرئاسة فهذا كلام سابق لأوانه، فنحن الآن نسمع كل الرؤى ووجهات النظر السياسية المختلفة ولم تتخذ الجماعة قرارها حتى الآن». وكان المئات من أعضاء «الإخوان» في محافظة الفيوم (جنوبالقاهرة) نظموا استقبالاً حافلاً الجمعة الماضي للدكتور البرادعي في ثاني جولاته خارج العاصمة المصرية.