بات شبه مؤكد أن يعقد مجلس الأمن الأربعاء المقبل، جلسة للتصويت على قرار عقوبات يكبّل إيران ويطوّقها من المياه الدولية. إذ وضعت الولاياتالمتحدة مشروع القرار رسمياً فجر أمس السبت، وطلبت التصويت منتصف الأسبوع المقبل، وتحديداً الأربعاء، إذا لم يقرر رئيس المجلس موعداً لن يتأخر عن الجمعة المقبل. وتوقعت أوساط الأممالمتحدة أن يحصل النص المطروح للتصويت بعد مفاوضات الدول الأعضاء في المجلس، على تأييد 12 دولة على الأقل، على افتراض أن تركيا والبرازيل قد تمتنعان عن التصويت أو تصوتان ضد مشروع القرار، إذا لم تأتِ مفاجأة في أحد الاتجاهين المعاكسين، أي أن تصوت تركيا والبرازيل لمصلحة القرار، أو ضده. وقالت المصادر إن لبنان، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، ينوي الامتناع عن التصويت، لكنه يراقب التصويت التركي ليتبعه. ويبقى القرار ملزماً لكل الدول، إذ يتبناه المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. وتواصل العمل بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا والصين وبريطانيا)، على «ملحق» يشكل جزءاً لا يتجزأ من القرار، يدرج أسماء الشركات التي تموّل البرنامج النووي الإيراني وأفراداً من «الحرس الثوري» الإيراني، إضافة إلى أسماء شركات شحن إيرانية. ويخصص مشروع القرار اكثر من فقرة تركّز على «الحرس الثوري»، لاستهدافه بعقوبات مكبّلة، كما يخص «شركة الجمهورية الإسلامية للنقل البحري». وتأتي أهمية القرار بأنه لقي إجماع الدول الخمس، ويفرض عقوبات على إيران تشابه تلك المفروضة على كوريا الشمالية، بعد رفض طهران الامتثال للقرارات السابقة التي أصدرها مجلس الأمن، والتجاوب مع مساعي الدول الكبرى لإقناعها بتجميد تخصيب اليورانيوم. ويعطي مشروع القرار صلاحية تُعتبر سابقة، لاعتراض حركة الملاحة المشكوك فيها، من إيران وإليها، إذ يجيز للدول أن تطلب «إجراء عمليات تفتيش السفن في أعالي البحار» إذا كانت هناك معلومات «توفر أساساً معقولاً للاعتقاد بأن السفينة تحمل أصنافاً محظور توريدها أو بيعها أو نقلها أو تصديرها» يمكن استخدامها في تطوير البرنامج النووي الإيراني. كما يدعو مشروع القرار إلى تشكيل «فريق خبراء» من 8 أشخاص يتمتع بصلاحيات كبيرة، إذ من حقه أن يطلب زيارة البلد الذي يشكّ في إمداده إيران بالسلاح، وأن يحقّق في ذلك، لمنع تهريب السلاح إليها. وكانت القرارات السابقة التي أصدرها مجلس الأمن، منعت إيران من تصدير الأسلحة. ويربط القرار بين المصرف المركزي الإيراني الذي يشير إليه في الفقرات التمهيدية، وبين إجراءات مصرفية محددة تستهدف منع أي تداولات ذات علاقة بمحاولات الحصول على مواد نووية محظورة. وينطوي مشروع القرار على إجراءات عقابية قاسية في مجال المصارف والصواريخ الباليستية، كما يتطرّق إلى مسألة الطاقة ملاحظاً «الصلة المحتملة بين إيرادات إيران المتأتية من قطاع الطاقة والقدرة على تمويل نشاطاتها الحساسة من حيث الانتشار» النووي. ويقرر مجلس الأمن بموجب القرار، أن «على إيران أن تمتثل من دون تأخير امتثالاً تاماً وغير مشروط لاتفاق الضمانات الذي أبرمته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مؤكداً في الوقت ذاته أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام طهران إذا أرادت التعاون واستئناف المفاوضات. ويمنع المجلس إيران من أن «تباشر بتشييد في أي مرفق جديد» ذي علاقة بالتخصيب، ويضيف أن عليها أن «توقف كل تشييد جارٍ لأي مرفق» ذي علاقة بالتخصيب. ويقرر مجلس الأمن أن «تمنع كل الدول توريد أي دبابات قتالية، أو مركبات قتال مدرعة، أو منظومات مدفعية من العيار الثقيل، أو طائرات مقاتلة، أو طائرات عمودية هجومية، أو سفن حربية، أو قذائف أو منظومات قذائف على النحو المحدد لغرض سجل الأممالمتحدة للأسلحة التقليدية». كما يقرر «ألا تضطلع إيران بأي نشاط يتصل بالصواريخ الباليستية القادرة على إيصال الأسلحة النووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية». ويطلب المجلس من الدول القيام داخل أراضيها، بما في ذلك الموانئ والمطارات، ب «تفتيش كل الشحنات المتجهة إلى إيران أو الآتية منها»، إذا كان لدى الدولة معلومات عن احتواء الشحنة على «أصناف محظور بيعها أو استيرادها». ويقرر المجلس أن تحظر كل الدول تقديم الخدمات المتصلة بوقود السفن من جانب رعاياها أو انطلاقاً من أراضيها، إذا كانت تحمل مواد محظورة. ويطلب من كل الدول أن «تمنع تقديم الخدمات المالية، بما فيها خدمات التأمين أو إعادة التأمين»، أو تحويل أي أصول إذا كان لديها معلومات توفر أساساً معقولًا للاعتقاد بأن تلك الخدمات أو الأصول أو الموارد يمكن أن تسهم في النشاطات النووية الإيرانية الحساسة. ويطلب القرار من الدول أن «تتخذ التدابير المناسبة لحظر افتتاح فروع أو مكاتب تابعة أو مكاتب تمثيل جديدة لمصارف إيرانية على أراضيها، وكذلك لحظر قيام المصارف الإيرانية بإنشاء مشاريع مشتركة جديدة مع مصارف خاضعة لولايتها». ويؤكد أن «ما من شيء في هذا القرار يحمل الدول على اتخاذ تدابير أو إجراءات تتجاوز نطاق هذا القرار، بما في ذلك استعمال القوة أو التهديد باستعمالها». في غضون ذلك (ا ف ب، رويترز)، دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف القادة الإيرانيين إلى «الإصغاء إلى صوت المجتمع الدولي». وقال بعد لقائه المستشارة الألمانية انغيلا مركل شمال برلين: «الموقف هو أن ثمة اتفاقاً على العقوبات تقريباً. لا يمكن لأحد أن يواصل التصرّف في شكل غير مسؤول». أما مركل فتوقعت أن «يُقر مجلس الأمن فرض عقوبات في المستقبل القريب». في المقابل، نفى الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد وجود «توتر بين إيرانوروسيا، بل تم التذكير بأن ينتبه القادة الروس إلى سلوكهم». وقال لقناة «أل بي سي» اللبنانية: «المتوقع أن تراعي روسيا ظروف الصداقة في الظروف الحساسة، ولا نتوقع أن تساير روسيا بعض الذين يتخذون مواقف سافرة ضد الشعب الإيراني، وهذا توقع منطقي». واعتبر الحديث عن حرب إسرائيلية تبدأ من لبنان مروراً بسورية وصولاً إلى إيران، «من قبيل النكتة»، كما انه لم يستبعد أن يزور لبنان «لتمتين العلاقات والتعبير عن المودّة».