تنفست إسرائيل الصعداء، ولو موقتاً، بعد أن سيطرت قواتها على السفينة الايرلندية «ريتشل كوري» من دون عنف او مقاومة او إسالة دماء على غرار ما جرى في هجومها على «اسطول الحرية» لكسر الحصار عن قطاع غزة الاثنين الماضي، وتحديداً سفينة المساعدات التركية «مرمرة» التي سقط فيها 9 ضحايا أتراك. لكن اسرائيل ستكون على موعد مع محاولة جديدة لكسر الحصار البحري عن غزة بعدما اعلنت منظمتان غير حكوميتين في بيروت امس انطلاق سفينة جديدة أواخر الأسبوع المقبل تقل متضامنين وصحافيين ومساعدات إنسانية. في الوقت نفسه، ما تزال تداعيات الأزمة مع تركيا مستمرة بسبب الهجوم على «مرمرة»، وسط أنباء عن بدء تحقيق جنائي ضد إسرائيل يتضمن فحص استخدامها أسلحة كيماوية ضد المتضامنين على متن السفينة من مواطنيها، في وقت افاد تقرير تشريح جثث ضحايا الهجوم التسع انهم أُمطروا بوابل من الرصاص، وبعضهم من مسافة قريبة. ووصلت «ريتشل كوري» التي تقل 15 شخصاً يحملون الجنسيتين الايرلندية والماليزية وألف طن من المساعدات، بعد ظهر أمس الى مدخل ميناء اشدود جنوب اسرائيل بعدما اعترضتها البحرية في المياه الدولية وطاردتها لساعات وقطعت عنها الاتصالات، ومنعتها من التوجه الى قطاع غزة المحاصر. وأفاد مصور «فرانس برس» ان زورقيْن حربييْن اسرائيلييْن واكبا السفينة التي كتب عليها عبارة «غزة حرة»، والتي كانت تسير ببطء شديد. وسارع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للإعراب عن ارتياحه لاعتراض السفينة «من دون ضحايا»، وقال في بيان إن «سيطرة سلاح البحرية عليها بصورة تخلو من أي عنف تماماً، إنما تؤكد الفارق الهائل بين رحلة بحرية لناشطين مسالمين ورحلة الكراهية نظمها متطرفون اتراك مناصرون للارهاب». وأضاف أن إسرائيل «تتعامل مع جميع السفن التي تحاول الوصول إلى شواطئ غزة وفق القاعدة ذاتها، بمعنى فرض احترام الحصار البحري لمنع تهريب السلاح إلى حماس، وفي الوقت نفسه السماح بدخول بضائع مدنية إلى غزة بعد تفتيشها». من جانبها، نددت حركة «حماس» باقتحام السفينة، معتبرة انه نوع من «المكابرة» غير المجدية، و«يقدم خدمة مجانية لقطاع غزة، وهي ان العالم بدأ يقتنع بأن الحصار غير قانوني او شرعي». وفي تركيا، تظاهر عشرات الآلاف في اسطنبول ضد اسرائيل، في وقت افادت صحيفة «توداي زمان» التركية ان المدعي العام لاسطنبول باشر تحقيقا جنائيا ضد نتانياهو ووزير دفاعه ايهود باراك ورئيس اركان الجيش غابي اشكينازي في شأن الهجوم على سفينة «مرمرة»، وانه يبحث في جمع ادلة تكفي لتوجيه اتهام لهم بارتكاب جرائم عدة تشمل القتل والجرح واخذ رهائن ومهاجمة مدنيين. في الوقت نفسه، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن تقرير تشريح جثث الضحايا التسع الاتراك ان 30 رصاصة وجدت في الجثث، وان الضحايا امطروا بوابل من الرصاص، وبعضهم من مسافة قريبة. ولا يبدو ان المأزق الحالي لاسرائيل في طريقه الى الإنفراج، خصوصاً في ظل الدعوات الدولية لوقف حصار غزة، وعلى رأسها قول البيت الابيض ان «الحصار «غير قابل للاستمرار، ولا بد من تغييره»، إضافة الى استمرار التظاهرات الاحتجاجية الحاشدة، لليوم السادس على التوالي، في مدن عالمية عدة للمطالبة بإنهاء الحصار. في الوقت نفسه، لا يبدو ان محاولات كسر الحصار ستتوقف، في ضوء بدء إعداد «اسطول الحرية 2»، ثم إعلان «حركة فلسطين الحرة» و«تجمع صحافيون بلا حدود» خلال مؤتمر صحافي في بيروت امس عن اطلاق حملة «سفينة من اجل الصحافيين الاحرار» التي ستبحر نحو غزة الاسبوع المقبل وعلى متنها 50 صحافيا و25 ناشطا اوروبيا، بينهم عدد من النواب، اضافة الى مساعدات ومواد تعليمية لاطفال فلسطين المحاصرين.