تحولت إعادة محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 إلى «أزمة أمنية»، بعد أن أصرت محكمة النقض، أعلى جهة قضائية في مصر، الانتقال خارج مقر دار القضاء العالي في وسط القاهرة، لمباشرة المحاكمة. وخضع مبارك وأركان حكمه، وكذلك خلفه الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات جماعة «الإخوان المسلمين»، إلى محاكمات جنائية أمام دوائر تابعة لمحاكم الجنايات أو الاستئناف، في مقرات خارج تلك المحاكم، عند أطراف القاهرة، تتبع في الغالب وزارة الداخلية، لكن محكمة النقض رفضت الانتقال إلى خارج مقرها في وسط القاهرة، فيما ترفض وزارة الداخلية نقل مبارك لدار القضاء العالي، محتجة بصعوبة تأمينه، إذ يصعب هبوط الطائرة التي تُقله إلى المحاكمات في وسط العاصمة، وكذلك نقله بالسيارات. وقررت محكمة النقض في جلستها أمس برئاسة المستشار أحمد عبد القوي نائب رئيس المحكمة، تأجيل إعادة محاكمة مبارك، للمرة الثالثة، إلى جلسة 3 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لتنفيذ القرار السابق للمحكمة في شأن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحضاره. وأثبتت المحكمة في مستهل الجلسة تلقيها مذكرة صادرة عن مديرية أمن القاهرة تفيد بتعذر إحضار مبارك، وأنه نظراً لظروفه الصحية فإنه في حاجة إلى متابعة طبية مستمرة على نحو يتعذر معه نقله إلى مقر محكمة النقض بدار القضاء العالي بوسيلة انتقال برية، وأن انتقاله لا بد أن يكون بوسيلة جوية على غرار ما كان يتم في باقي القضايا المتعلقة به. وكانت محكمة النقض سبقت جلسة أمس بتصريح لنائبها المستشار عادل الشوربجي قال فيه: «سنعقد جلستنا في محكمتنا، ونحن نملك بحسب القانون آليات إحضار المحكوم عليهم المحبوسين من محبسهم، ولكن المخلي سبيله مثل مبارك فهو مسؤول عن عواقب تغيبه عن الجلسة». وأضاف الشوربجي أن مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض اتفقا «بشكل نهائي» على عدم الانتقال إلى مكان آخر خارج دار القضاء العالي حيث مقر المحكمة، ورفض طلب وزارة الداخلية نقل المحاكمة إلى مكان تابع لجهاز الشرطة «ما قد يبطل المحاكمة». وقال: «المحكمة ستكون صاحبة القرار في حالة تغيب المتهم عن الجلسة». ويوجب القانون حضور المتهم بشخصه أمام محكمة النقض لمباشرة إجراءات محاكمته. ويخضع مبارك للعلاج في مستشفى المعادي التابع للقوات المسلحة. وكان مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي عوقبا في المحاكمة الأولى بالسجن المؤبد لكل منهما عن الاتهامات المتعلقة بقتل المتظاهرين، فيما قضي ببراءة بقية المتهمين من مساعدي العادلي، وحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بحق مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك ورجل الأعمال حسين سالم في ما يتعلق بوقائع الرشوة واستغلال النفوذ الرئاسي، وبراءة مبارك في الواقعة المتعلقة بتصدير الغاز الطبيعي، وهي الأحكام التي ألغتها محكمة النقض وأعيدت في أعقابها المحاكمة من جديد أمام الجنايات، والتي برأت الجميع من كل التهم. في غضون ذلك، طالبت لجنة الحريات في نقابة الصحافيين في بيان بإخلاء سبيل عضوها مجدي حسين رئيس تحرير جريدة «الشعب»، محملة وزارة الداخلية مسؤولية «تدهور حالته الصحية». ودانت النقابة «الانتهاكات التي يتعرض لها حسين في محبسه في ظل ظروفه الصحية الخطيرة». وقضت محكمة قبل أيام برفض معارضة حسين على الحكم الصادر ضده غيابياً بالسجن 8 سنوات لإدانته ب «الترويج لأفكار متطرفة، تضر بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي للبلاد». وأيدت المحكمة حكم سجنه، لتغيبه عن حضور الجلسة. وقالت أسرته إن وزارة الداخلية مسؤولة عن تغيبه، لعدم تمكينها إياه من الحضور.