حذّر الرئيس الأميركي باراك أوباما «بريتش بتروليوم» (بي بي) من مغبة التهرب من الواجبات المالية المترتبة عليها، جراء كارثة البقعة النفطية في خليج المكسيك، بعد أنباء تحدثت عن عزمها توزيع أرباح ببلايين الدولارات على مساهميها. لكن الرئيس التنفيذي ل «بي بي» توني هيوارد اعترف للمرة الأولى بفداحة الأعباء المالية المترتبة على الشركة. وقال أوباما في تصريحات خلال جولة له في الولايات الجنوبية ليل أول من أمس تطرق فيها إلى مسألة تعويض صيادي السمك وأصحاب شركات الخدمات السياحية: «أظن أن (بي بي) تعاقدت على تمويل حملات إعلانية لإدارة شؤون صورتها إبان الكارثة بمبلغ 50 مليون دولار، وهناك علاوة على ذلك تقارير تفيد بأن (بي بي) تعتزم توزيع 10.5 بليون - بليون بالباء - من أرباح الفصل الأول على حملة أسهمها». وخلال زيارته الثالثة إلى لويزيانا منذ انفجار المنصة النفطية في خليج المكسيك، وما أسفر عن ذلك من كارثة بيئية، أضاف: «ليس لدي مشكلة مع وفاء (بي بي) بالتزاماتها القانونية، لكنني أريد من (بي بي) أن تعي بوضوح أن عليها هنا في الخليج أيضاً التزامات أخلاقية وقانونية إزاء الأضرار الحادثة، وما لا أريد أن أسمعه هو أنها تنفق هذا الكم من المال على الحملات الإعلانية وحملة أسهمها بينما تتعامل بتقتير مع صيادي السمك والشركات الصغيرة الذين يعانون الأمرّين». واعترف أوباما ل «بي بي» بتحقيق «تقدم» في جهود السيطرة على التسرب النفطي بعد نجاحها في وقت مبكر من صباح أول من أمس في تركيب صمام مزود بأنبوب صاعد على فوهة البئر واستقبال جزء من النفط المتسرب في خزانات سفينة خدمات الحفر «إنتربرايز»، مشدداً مع ذلك على أن مدى التقدم المحقق لن يتضح قبل مرور يوم أو يومين، وقال إن «الوقت لا يزال مبكراً جداً على التفاؤل». وعبّر عن ثقته بأن المنطقة المنكوبة «ستُشفى» في الأجل البعيد من آثار البقعة النفطية، «لكن إذا أمكننا أن نضمن أن (بي بي) ستقوم بواجباتها كما يجب من البداية، فسيكون هذا الأمر أسهل بكثير». وتأتي تصريحات أوباما هذه غداة إعلان إدارته أنها قدمت إلى الشركة فاتورة أولية قيمتها 69 مليون دولار، عملاً بمبدأ «من يلوث يدفع» المنصوص عليه في القانون الأميركي. ولفت أوباما إلى أن المسؤولين في «بي بي» «لم يقولوا إنهم لن يدفعوا، ولذلك لن أقول إن هناك مشاكل، ولكن على المستوى المحلي بدأنا نرى أناساً يواجهون مشاكل في الحصول على تعويضات، ونريد وأد هذا الأمر في مهده حالاً». وأضاف أوباما: «إذا تمكنت (بي بي) من دفع 10.5 بليون دولار، تظهر كمية الأموال التي كسبتها، ونظراً إلى أنها لم تأخذ في الحسبان كما يجب أخطار التنقيب في أعماق البحار، فأنا لا أريد أن يتحمل طرف آخر تكاليف هذه الأخطار». وأقر هيوارد في بيان نشرته الشركة ليل أول من أمس بفداحة الأعباء المالية التي ستترتب على ما وصفه ب «الحادثة». ويعد هذا الاعتراف سابقة من نوعها على رغم أن تقديرات رسمية تشير إلى تسرب ما قد يصل إلى 850 ألف برميل من النفط وتحذيرات من «بي بي» من أن السيطرة على البئر المعطوبة قد لا تتحقق في شكل كامل قبل انتهاء أعمال الحفر في بئري الإنقاذ في آب (أغسطس) المقبل. وطبقاً لما أعلنته «بي بي»، ارتفعت تكلفة جهود السيطرة على البئر المعطوبة وأعمال التنظيف والتعويضات إلى نحو 1.5 بليون دولار، شاملة التزاماً لتمويل إنشاء ستة سواتر ترابية ضخمة لحماية سواحل ولاية لويزيانا بقيمة 360 مليون دولار، وتلقى فاتورة من البيت الأبيض بمبلغ 70 مليون دولار، وتوقعت الشركة أن تستمر النفقات في الفترة المقبلة بمعدل 25 مليون دولار يومياً، على رغم وصول طلائع القار إلى شواطئ فلوريدا الرملية الفريدة من نوعها. وأقرت «بي بي» التي تواجه تحقيقاً جنائياً أعلنه النائب العام للولايات المتحدة الأسبوع الماضي بضخامة التكلفة المحتملة لإصلاح الأضرار البيئية والدعاوى، لكنها قللت من شأنها بالإشارة إلى أن هذه النفقات التي وصفها هيوارد ب «الإضافية» ستمتد على فترات طويلة من الزمن، وذلك في محاولة للحد من الضغوط التي تتعرض لها أسهم الشركة منذ انفجار نيسان (أبريل) وأدت حتى نهاية التداول الجمعة إلى فقدان ثلث قيمتها في السوق. وتكبد الاستثمار المؤسسي، خصوصاً صناديق التقاعد البريطانية والأميركية التي تشاطر المستثمرين الأفراد في البلدين ملكية 80 في المئة من أسهم «بي بي»، القسم الأعظم من الخسائر الورقية التي تزيد على 60 بليون دولار. وجاءت خسائر الأسهم بعد تراجع أرباح الشركة من 26 بليون دولار في 2008، وهي الأعلى في تاريخها الطويل، إلى 14 بليوناً في 2009. لكن هيوارد فند آراء وتكهنات استبعدت نهوض «بي بي» من كبوتها بعد توقع البعض من هذه الآراء أن تصل التكلفة النهائية لحادثة خليج المكسيك إلى 14 بليون دولار، وقال إن «بي بي شركة قوية وتجاوزنا الكثير من العواصف من قبل». وأشار إلى أن «بي بي» التي تملك 18 بليون برميل من الاحتياط المؤكد أجرت تقديرات الصادر والوارد من سيولتها النقدية على افتراض 60 دولاراً لسعر برميل النفط.