تبرز عقود النفط الآجلة كمؤشر أساسي لقراءة اتجاهات الأسواق ومدى استقرارها وانسجامها مع أساسيات العرض والطلب، بعد حال من الاستقرار النسبي منذ بداية السنة حين برزت مؤشرات مالية واقتصادية أخرى استحوذت على أهمية أكبر من حيث التأثير في مجريات أسواق النفط نظراً إلى قوة ترابطها بوتيرة نشاط العقود الآجلة والحال العامة التي تعكسها اقتصادات دول العالم، خصوصاً الصناعية منها. ووفقاً للتقرير الأسبوعي لشركة «نفط الهلال»، يأتي التراجع الذي سجلته عقود النفط الآجلة أخيراً نتيجة مباشرة لارتفاع حساسيتها للمتغيرات الاقتصادية والمالية العالمية وحال عدم اليقين التي تظهرها مؤشرات الانتعاش العالمي التي جاءت في مقدمها الضغوط الاقتصادية المستمرة التي تحيط باقتصادات منطقة اليورو ومدى تأثير ذلك في الطلب على النفط والطاقة في المستقبل وإمكان اتساع أزمة ديون أوروبا إلى دول أخرى وما يتبع ذلك من ضرر فادح محتمل بنمو الاقتصاد العالمي. وجاء ارتفاع المخزون الأميركي من النفط الخام أخيراً ليضغط على عقود النفط الآجلة نحو مزيد من الانخفاض، وفقاً للتقرير، ذلك أن بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية عكست زيادة في المخزون أكثر بقليل مما كان متوقعاً قبل نشرها، ويتضاعف تأثير مستوى المخزون الخام من النفط في ظروف عدم الاستقرار الاقتصادي، فيما تلعب البيانات الخاصة بالمخزون دور المحدِّد والموجِّه لما ستكون عليه أسعار العقود الآجلة حالياً ويزداد دورها وينخفض تبعاً للمتغيرات المحيطة بالإنتاج والاستثمارات وأمن الإمدادات والظروف المناخية. وكان للمتغيرات الخاصة بحركة الصعود والهبوط التي سجلها سعر صرف الدولار وحركة الانتعاش التي سجلتها البورصات العالمية تأثير إيجابي في انتعاش العقود الآجلة من جديد، بحسب التقرير، الذي أكد أن هذا الوضع عزز حال التفاؤل المتعلقة بفرص انتعاش الاقتصاد العالمي، فيما عاودت أسعار العقود الآجلة انخفاضها انسجاماً مع الأنباء الصادرة عن وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» التي خفضت تقديرها الائتماني لإسبانيا، إذ ساهمت عمليات تصفية المراكز في تعزيز موجة الهبوط في شكل اكبر مع استمرار الضغوط لدى منطقة اليورو. وجاءت نتائج المسح الذي أجرته وكالة «رويترز» وأظهر ارتفاعاً على إمدادات المعروض من النفط الخام في أيار (مايو) الماضي إلى أعلى مستوياته منذ 17 شهراً، بمزيد من الضغط على الأسعار عموماً وأسعار العقود الآجلة خصوصاً، وفقاً ل «الهلال»، ذلك أن النتائج تفيد بأن مستويات إنتاج «أوبك» وصلت خلال أيار إلى 26.9 مليون برميل يومياً في المتوسط ما يعني أن الإمدادات ارتفعت بنحو 2.06 مليون برميل يومياً عن مستواها منذ بداية السنة، وهذا يدعم إمكان عدم إجراء تعديل لزيادة الإنتاج من قبل «أوبك» في المنظور القريب تبعاً لحجم المعروض ولدعم الأسعار الحالية لتبقى ضمن حدودها المقبولة للأطراف بين 70 و80 دولاراً للبرميل. ووفقاً للتقرير، تعكس المتغيرات أعلاه مزيداً من التعقيد على المعادلة النفطية وتداخلاتها مع المؤشرات الاقتصادية والمالية لدى الدول إذ لم تعد أسواق النفط في حاجة إلى حزمة من المتغيرات لتعديل مسارها أثناء مرورها في دورة الاقتصاد الطبيعية حيث يُلاحظ أن أياً من المتغيرات السابقة الذكر كفيلة بتغير اتجاه الأسواق نظراً إلى عدم وصول الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، سواء كانت أسواق النفط أم أسواق المال، إلى مرحلة التعافي الكامل التي تمكنها مقاومة حالات التراجع المستجدة.