نظم مئات من أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» في محافظة الفيوم (90 كلم جنوب غربي القاهرة) استقبالاً حاشداً للمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي في ثاني جولاته الميدانية خارج القاهرة، ما اعتبره مراقبون رداً على إقصاء مرشحي «الإخوان» في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي أجريت الثلثاء الماضي وخرجت منها الجماعة صفر اليدين، متهمة النظام ب «التزوير». واستقبل نحو خمسة آلاف شخص البرادعي الذي بدأ زيارته إلى الفيوم بأداء صلاة الجمعة في مسجد مبارك في مركز سنورس، قبل أن يلتقي الدكتور طه عبدالتواب الذي كان اتهم أجهزة الأمن بتعذيبه قبل شهر بعد إلقاء القبض عليه خلال حملة لجمع التفويضات لتأييد المطالب الإصلاحية التي ينادي بها البرادعي. ورفع المستقبلون لافتات تؤيد مساعي البرادعي لإجراء إصلاحات دستورية وقانونية تؤمن ديموقراطية حقيقية في البلاد، كما رددوا هتافات «يا برادعي قول للناس، الدستور هو الأساس»، و «يا برادعي سير سير، احنا معاك للتغيير»، و «ارفع صوتك قُل للناس، التغيير جاي خلاص»، و «يا دكتور ما يهمك حد، انت زعيم الأمة بجد»، و «يا برادعي يا مصري، حبك جوا الدم بيسري». وأكد البرادعي خلال جولته في شوارع المدينة أن «الشباب هم الأساس في قيادة التغيير»، معتبراً أن التغيير لن يحدث «طالما هناك خوف، كما أن التغيير لن يحدث من خلال شخص بعينه بل بتكاتف المصريين». ورد على المرحبين به قائلاً: «ما نريده هو أن نكون احراراً ونريد أن نرسل صيحة قوية إلى النظام تؤكد ضرورة أن تصبح الانتخابات المقبلة نزيهة». وتأتي جولة البرادعي الثانية بعد زيارته مدينة المنصورة (دلتا النيل) قبل شهر، في ظل احتدام الخلافات بين أعضاء «الجمعية الوطنية للتغيير» التي أطلقها بعد عودته إلى مصر في شباط (فبراير) الماضي. وكان المنسق العام للجمعية الدكتور حسن نافعة أعلن استقالته قبل يومين قبل أن يتراجع عنها. لكن البرادعي أكد أنه لا يعلم أن أحداً من أعضاء الجمعية قدم استقالته، مشيراً إلى أن «الجمعية تتألف من 100 ألف مصري وقعوا على بيان التغيير». وأشار خلال مؤتمر جماهيري عقده في الفيوم إلى أن «التغيير لن يتحقق إلا من خلال انضمام ملايين المصريين إلينا»، مؤكداً أنه لن يترشح للرئاسة «ما لم تتحقق مطالبنا السبعة كلها». وكان البرادعي ربط ترشحه إلى الانتخابات التي تجرى خريف السنة المقبلة بإجراء إصلاحات دستورية تلغي القيود على الترشح وتحدد فترة الرئاسة بولايتين وتسمح بإشراف قضائي ودولي على الانتخابات لضمان نزاهتها. وقال البرادعي إنه يسعى إلى أن يصبح مثل «غاندي ومارتن لوثر كينج اللذين حققا تغييراً في وطنهم ولم يحصلا على أي منصب... لا أطمع في منصب، لكنني اتمنى أن أرى مصر وطني مثل بقية الدول التي زرتها وكانت وراءنا ثم تقدمت علينا بسبب الإدارة الرشيدة لموارد الدولة». وكان لافتاً الحشد «الإخواني» لدعم البرادعي أمس. وذكرت وكالة «رويترز» أن عضو مجلس الشعب (البرلمان) الذي ينتمي إلى «الإخوان» مصطفى عوض الله والقيادي في الجماعة الأحمدي قاسم جلسا إلى جوار البرادعي على المنصة خلال المؤتمر. وقال البرادعي: «نتفق مع جماعة الإخوان في الدعوة إلى إلغاء حال الطوارئ وإنهاء القوانين المقيدة للحريات... والمطالب السبعة التي جاءت في بيان الجمعية الوطنية للتغيير». وأضاف أنه يرحب بعضوية الجماعة في الجمعية «على رغم اختلاف في بعض الرؤى». وكان عضو مكتب إرشاد «الإخوان» رئيس الكتلة البرلمانية للجماعة النائب سعد الكتاتني انضم إلى الجمعية. وكشفت مصادر في «الإخوان» أن الجماعة ستكثف نشاطها الداعم لتحركات البرادعي الإصلاحية، لكنها نفت في الوقت ذاته أن تكون تلك التحركات مقدمة لتأييد البرادعي في حال تمكن من ترشيح نفسه للرئاسة. وقالت ل «الحياة»: «ندعم مطالب البرادعي في إجراء إصلاحات وتغيير الوضع القائم في البلاد». وأشارت إلى أن «تعليمات ستصدر تباعاً إلى مكاتب الجماعة في المحافظات لحشد الناس خلف البرادعي، إضافة إلى البدء في جمع توقيعات لتفويضه للمطالبة بتعديلات دستورية». وقالت: «ما رأيناه في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن النظام ليست لديه نية لإجراء إصلاحات في البلاد».