انتقد رئيس الهيئة التنفيذية ل «القوات اللبنانية» سمير جعجع الأصوات المطالبة بسحب مبادرة السلام العربية من التداول ووقف المفاوضات غير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، معتبراً أن هذا المطلب «أكبر خدمة للحكومة الإسرائيلية»، وفضل وضعه «في سياق قصر النظر». وكان جعجع التقى وفداً من لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي ضمّ ألان ماكوفسكي وروبيرت ماركوس ودانيال سيلفربرغ، في حضور مستشار العلاقات الخارجية في الحزب إيلي خوري،(الوفد كان زار رئيس كتلة «التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون). كما التقى جعجع السفيرة البريطانية لدى لبنان فرانسيس ماري غاي التي نقلت له موقف بلادها الضاغط لتسريع عملية السلام في الشرق الأوسط. وأفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي ل «القوات» بأن الجانبين «استعرضا الأوضاع في المنطقة ولا سيما مشروع العقوبات على إيران المنتظر طرحه الشهر الجاري على مجلس الأمن، بالإضافة الى الأوضاع العامة في لبنان وجددت غاي تأكيد دعم بلادها للشرعية وللحكومة اللبنانية، وشكرها جعجع على موقف بلادها في شأن أسطول الحرية». وفي دردشة مع الصحافيين شدد جعجع على أن طرح سحب مبادرة السلام «يمنح الحكومة الإسرائيلية خدمةً كبيرة كونها غير متلهفة لمثل هذه المفاوضات وهي لا تترجى أميركا والدول الأوروبية بينما هذه الدول هي التي تسعى من خلال الضغوط على إسرائيل لدفعها الى طاولة المفاوضات»، لافتاً الى أن «ما تريده الحكومة الإسرائيلية هو سحب أي مبادرة للسلام وإيقاف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة». وإذ أكد أن «موقف المجموعة الدولية هو الفاعل»، نفى إمكان «أن تشن هذه المجموعة حرباً على إسرائيل عبر هذا المطلب، ولو قامت بذلك يكون للوصول الى شيء ما قريب أو مشابه للمطروح في مبادرة السلام العربية». وقال: «من مصلحتنا الضغط باتجاه تسريع المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل الى اتفاق سلام في التوقيت المناسب للطرف العربي وفي أسوأ توقيت للطرف الإسرائيلي». وأشار الى أن «توازن القوى بين العرب وإسرائيل لا يشمل هذين الطرفين فقط بل يتعداهما الى المجموعة الدولية وعلينا ألا ننسى ذلك باعتبار أن منطق القوة لم يُعطِ أي نتيجة منذ 60 عاماً الى اليوم». وأضاف: «فلو لم يسيروا بهذه النظرية منذ عام 1947 التي هي نظرية محور إيران - سورية حالياً، لكانت القضية الفلسطينية في مكان آخر مختلف تماماً وأفضل مما هي عليه في الوقت الراهن»، مشيراً الى أن «من غير المقبول السير بالشعوبية والطروحات الديماغوجية على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى»، وسأل: «من سيستعمل منطق القوة ولا سيما أن المجموعة الدولية ترفض هذا المنطق؟ ومن يرى غير ذلك فليرد بالبراهين». ورأى جعجع أن «نتيجة المواجهة في عام 2006 هي صدور القرار 1701 الذي هو عملياً كل ما طلبته إسرائيل ما اضطر حزب الله الى الانتقال من الجنوب الى شمال الليطاني»، لافتاً الى ان «فحوى القرار 1701 هو مضمون القرار 1559». وأضاف: «إن إسرائيل لم تنسحب من لبنان في عام 2000 بالقوة، باعتبار انها انسحبت من غزة وليس بالقوة، إذ لا إمكانية لأي حلول فعلية باستثناء الانسجام مع المجموعة الدولية ووضع ضغوط كبيرة عليها لجرّها الى قيام دولة فلسطينية حرة مستقلة على أرض فلسطين». وقال: «في حال أرادت مثلاً إيران استعمال القوة ضد إسرائيل فالأكيد أن كلّ العالم سيقف الى جانب إسرائيل ضد إيران». للرئيس بري رأيه وليس من عدم وأسف جعجع للسجال القائم بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة حول الموازنة ومبلغ ال11 بليون دولار «باعتبار أنهما صديقان ولكن إذا كان هناك من هو منزعج من مواقف الرئيس السنيورة السياسية فليهاجمه على هذا الأساس من دون اللجوء الى أمور تقنية تطاول سمعة النظام اللبناني بأكمله وتتعلق بمصير لقمة عيش كل مواطن لبناني». وأوضح: «انه اتفق على قطع حساب في الحكومة الذي يُبيّن حجم ومكان الأموال التي صُرفت». وعن موقف بري من الاتفاق الأمني الأميركي واعتباره غير شرعي ويجب إعادة النظر به من قبل الحكومة، قال جعجع: «لدي ضعف تجاه الرئيس بري ولكن في ما يتعلق بهذا الاتفاق فهذا رأيه وبالطبع آراؤه ليست مبنية على العدم، فأنا أخالفه الرأي في هذا الشأن ولكن أويد ما طرحه بضرورة إعادتها الى مجلس الوزراء واستعراضها ومناقشتها مجدداً باعتبار أن لا أحد منا متعصباً لهذا الاتفاق الذي ليس اتفاقاً أمنياً بل اتفاق تجهيز وتدريب، فاذا كان يصب لمصلحة لبنان نستمر في السير به أما إذا اُثبت العكس فنأخذ التدابير اللازمة». وعن عدم موافقة النائب وليد جنبلاط جعجع لجهة إرسال الجيش الى الجنوب من دون تجهيزه بالعتاد المناسب، أوضح جعجع أن «جنبلاط لم يختلف معي في العمق بل عرض لطرح آخر»، شارحاً «إن نظريتي تقضي بإرسال وحدات من الجيش اللبناني الى الجنوب لمقاتلة إسرائيل مع العلم أن تسليح هذه الوحدات يوازي تسلُح «حزب الله» باعتبار أن الأخير لن يُقاتل بدبابات Léopard ولا بطائرات F27 ولا بصواريخ 124 التي أتى بها لبنان من روسيا ولا بطائرات ال Gazelle من الإمارات بل انه يُقاتل بسلاح خفيف وبعض الأسلحة الأخرى المتوافرة لدى الجيش اللبناني». ورأى «أن جوهر ما قاله جنبلاط في هذا الشأن هو الإشارة الى عبثية هذا الطرح طالما أن «حزب الله» لن يرضى به».