انطلقت في روسيا أمس، تجربة فريدة من نوعها لإرسال مركبة مأهولة إلى المريخ، بمشاركة ستة متطوعين سيعيشون على مدى 520 يوماً، ظروفاً مشابهة لرحلة مركبة فضاء نحو الكوكب الأحمر، والبقاء على سطحه شهراً ثم العودة إلى الأرض. وأعلنت «وكالة الفضاء الروسية» (روس كوسموس) بدء التجربة التي تحمل تسمية «المريخ 500» أمس، بعد تحضيرات استمرت أكثر من سنتين، سبقتها تجارب مشابهة استمرت فترات قصيرة. ويشارك في الاختبار الأول من نوعه ثلاثة متطوعين روس ومتطوعان أوروبيان وآخر صيني، واختير المشاركون في التجربة من بين ألوف الأشخاص بعد خضوعهم لفحوص واختبارات. ويؤدي المشاركون في هذه التجربة دور طاقم المركبة الفضائية المحلّقة صوب المريخ. ويرأس الطاقم أحد الباحثين الروس، بينما يتولى بقية أعضاء الفريق المهمات التي ينفذها عادة رواد فضاء وباحثون متخصّصون. وعُزِل الفريق داخل كبسولة كبيرة صمّمت لتحاكي مركبة فضاء. وبموجب الخطة التي يشرف على تنفيذها علماء روس وأوروبيون وصينيون، تنقسم التجربة إلى ثلاث مراحل، تستغرق الأولى 240 يوماً هي المدة اللازمة لوصول مركبة الفضاء الافتراضية إلى المريخ. وخلال هذه المرحلة، سيكون على «الرواد» أداء مهمات تتضمّن إصلاح أعطال قد تطرأ على المركبة، والحفاظ على الاتصال مع مركز التحكّم بالرحلة. وتحاكي المرحلة الثانية هبوط المركبة على سطح الكوكب الأحمر ثم الإقامة على سطحه لثلاثين يوماً، مع إجراء دراسات وبحوث. وكذلك تحاكي المرحلة الثالثة التي تستغرق أيضاً 240 يوماً، رحلة العودة من المريخ إلى الأرض. ورأى كثيرون من الخبراء ان نتائج المرحلة الثالثة هي الأهم، إذ تحدد طبيعة الأخطار ومدى واقعية تحويل التجربة إلى واقع في غضون سنوات قليلة. ويقول مدير مؤسسة «روس كوسموس»، أناتولي برنينوف، إن ثلاثة من أفراد الطاقم، هم روسي وفرنسي وصيني، سيتجولون على سطح صُنِع ليُحاكي المريخ، خلال الفترة المخصصة لل»الإقامة» على سطح هذا الكوكب، بينما يتلقى الجزء الثاني من الفريق المعلومات التي يبثها المتجوّلون، إضافة إلى المواد التي يجمعونها من سطح الكوكب الأحمر. ويمكن أي متطوّع طلب الخروج من هذه التجربة، من دون تفسير السبب، وينال المتطوعون جوائز ومنحاً. ونشرت الوكالة الروسية أسماء الروس المشاركين في هذه الرحلة الافتراضية، وهم: إليكسي سيتيف وألكسندر سموليفسكي وميخائيل سينيلنيكوف. ومن الجانب الأوروبي، يشارك الفرنسي رومان شارليه (31 عاما) الذي يعمل مديراً لشؤون جودة السلع في شركة «سوتيرا» للألواح الإلكترونية، والايطالي دييغو أوربينا (26 عاما) وهو خبير في شؤون الفضاء. ويُمثّل فانغ يوا (26 عاما) الصين التي يعمل فيها أستاذاً مساعداً في المركز الفضائي. وأوضح بوريس موروكوف مدير مشروع «المريخ 500»، أن إدارته تعوّل على تحقيق إختراق في جهود إنجاز رحلة مأهولة إلى الكوكب الأحمر. وأعلن أن «رواد الفضاء» في التجربة، سيتناولون مواد معلّبة وحبوباً بديلة للغذاء ومقوّيات، مشيراً إلى أن حال العزلة التامة المفروضة عليهم خلال الرحلة الافتراضية، لا تمنع الانسحاب من التجربة فور شعور الشخص بأنه ليس قادراً على مواصلتها، من دون أن يُطلب منه تبرير موقفه. ويخسر المنسحب مكافأة تبلغ نحو 55 ألف يورو. واعتبر خبراء ان المبلغ ضئيل، قياساً إلى ضخامة التجربة التي تتضمن المخاطرة ب»العيش على المعلبات لمدة سنة ونصف سنة تقريباً» كما قال معلّق روسي.