هيمن الوضع الإقليمي والحرب ضد «داعش» على زيارة إلى القاهرة، بدأها أول من أمس وفد من الكونغرس الأميركي، الذي أكد «استمرار الدعم العسكري الأميركي» بل ألمح إلى إمكانية «زيادته» على رغم إقراره بخلافات بين الجانبين حول ملف «حقوق الإنسان»، داعياً المسؤولين المصريين إلى المضي قدماً في طريق الديموقراطية. والتقى الوفد، برئاسة السيناتور ليندسي غراهام، في القاهرة أمس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعدما كان لدى وصوله أول من أمس اجتمع بوزير الدفاع صدقي صبحي، قبل أن يعقد غراهام مؤتمراً صحافيا هيمن عليه تأكيده «استمرار الدعم العسكري والاقتصادي لمصر، على رغم الخلافات بين البلدين حول وضع حقوق الإنسان في مصر»، موضحاً أن اللقاءات التي عقدها الوفد في القاهرة تركزت على الجوانب الأمنية. ورأى غراهام الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية بلجنة الاعتمادات وعضو لجنة القوات المسلحة بالشيوخ الأميركي، أن «استقرار مصر أهم من أي وقت مضى... ويجب أن نقف صفاً واحداً لمواجهة الأخطار القادمة من سيناء... مصر تحتاج لمساعدة أكثر من أي وقت، وأميركا تحتاج مساعدة مصر والعالم كله يحتاج مساعدة مصر». وأضاف: «جئت برسالة بأن يستمر الدعم والمساعدة في مواجهة الإرهاب»، لكنه دعا القاهرة إلى «المضي قدماً في ملف حقوق الإنسان». وقال: «الإدارة الأميركية تحاول الإسراع بدعم الاقتصاد المصري وإعطاء الجميع أملاً بأن الاقتصاد سيكون أفضل والتكنولوجيا الأمنية التي تحتاجها مصر مهمة لمواجهة الحرب في سيناء مما يستوجب تعزيز اقتصاد سيناء... وهناك خلافات وناقشناها بمنتهى الصراحة وتتعلق بحقوق الإنسان». وأشار غراهام إلى أن وفد الكونغرس تناول خلال لقائه وزير الدفاع المصري ملف المساعدات الأميركية لمصر، ملمحاً إلى إمكان «زيادة المساعدات... دعمنا مهم واحتياجات مصر الأمنية تزداد نظراً للمواقف في المنطقة». ولفت إلى أن «سيناء تشكل كابوساً ليس فقط لمصر، بل للعالم، بالأسلحة والتكنولوجيا الموجودة لدى الجماعات المتشددة في سيناء». ونقل غراهام عن السيسي حديثه عن ضرورة «تدمير داعش وليس احتوائه وأن هناك معدات لتنفيذ ذلك»، مشدداً على أن استقرار مصر هام أكثر من أي وقت مضى. وأضاف: «نحن نستطيع أن نقول إننا نصر على المساعدات العسكرية للجيش المصري الذي يعتزم القضاء على داعش ونحن كدولة نريد مساعدة مصر للحفاظ على الأمن في المنطقة». وتطرق غراهام إلى ملف التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيراً إلى أن القطاع الخاص الأميركي، يدعم الاقتصاد المصري... وعدد من أعضاء الكونغرس من بين الوفد المرافق يهتمون اهتماماً كبيراً بمصر والدول النامية. وأشار السيناتور الأميركي إلى أن نجاح مصر هو أمر أساسي بالنسبة للعالم.. لافتاً إلى أنه زار العام الماضي القاهرة، ولكن منذ ذلك الوقت تدهورت الأوضاع في كل من ليبيا وسورية بالإضافة إلى أن الجانب الإيراني يعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة. ونوه السيناتور بأن العالم كله والولاياتالمتحدة تحتاج إلى مصر أكثر من أي وقت مضى. لكن غراهام لم يغفل التشديد خلال المؤتمر الصحافي على أن الديموقراطية هي الحل حتى لو «كانت تنمو ببطء لأنها أفضل طريق للتقدم إلى الأمام»، مضيفاً: «نحن ملتزمون بهذه العلاقة مع السيسي وهو الرجل المناسب في الوقت المناسب لدعم عملية الانتقال وسيادة القانون ومكافحة الإرهاب ودعم حقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن بلاده «تأمل أن يتحقق تقدم على جبهة حقوق الإنسان في مصر وسيكون في صالح الشعب المصري والشعب الأميركي». من جانبه، أوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، أن لقاء السيسي بالوفد الأميركي، والذي حضره، سامح شكري وزير الخارجية، «تطرق إلى التطورات على الساحة الإقليمية وما تمر به دولها من أزمات، ومكافحة الإرهاب في المنطقة»، حيث شدد الرئيس المصري على التزام بلاده ب «شراكتها الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة وحرصها على تنميتها وتعزيزها في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، لا سيما في ظل الواقع الإقليمي المضطرب في المنطقة وما يفرضه من تحدياتٍ متزايدة وعلى رأسها خطر الإرهاب الآخذ في التنامي والذي طاولت تداعياته العديد من الدول في أوروبا والقارة الأفريقية». وأكد السيسي أهمية تبني مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب «لا تقف عند حدود المواجهات العسكرية والتعاون الأمني ولكن تمتد لتشمل الجوانب الفكرية والدينية، وكذا الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية»، ونبه إلى أن صعوبة الظروف الاقتصادية «توفر بيئة خصبة لنمو وانتشار الإرهاب وتساعد التنظيمات الإرهابية على استقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها»، داعياً إلى أهمية «مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية من دون تمييز أو تركيز على تنظيم محدد من دون التنظيمات الأخرى التي قد لا تقل خطورة في أفكارها وتطرفها». وشدد على أن التسوية السياسية للأزمات في عدد من دول المنطقة التي تشهد اضطرابات «يتعين أن تتم بالتوازي مع مكافحة الإرهاب في تلك الدول». وتطرق السيسي خلال اللقاء إلى ملف حقوق الإنسان في مصر، مؤكداً حرص بلاده على «إعلاء مبادئ حقوق الإنسان»، لكنه لفت إلى «أهمية تحقيق التوازن بين اعتبارات الأمن القومي والاستقرار في مصر وبين الحقوق والحريات»، مشيراً إلى أن تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري تُعد جزءاً أساسياً من حقوق الإنسان التي يجب العمل على الارتقاء بها، جنباً إلى جنب مع الحريات السياسية والمدنية التي يتعين العمل على ازدهارها في إطار منظور متكامل لحقوق الإنسان. وكان الناطق باسم الجيش المصري أوضح في بيان أول من أمس أن لقاء قائد الجيش صدقي صبحي، بوفد الكونغرس «تناول تبادل الرؤى تجاه تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة والجهود الدولية للحرب على الإرهاب، كما تمت مناقشة عدد من الملفات والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ضوء علاقات التعاون بين مصر والولاياتالمتحدة الأميركية». وأكد اعتزازه بالعلاقات المتميزة على صعيد التعاون مع الولاياتالمتحدة في العديد من المجالات، مشيراً إلى أهمية توحيد الجهود الدولية من أجل القضاء على قوى التطرف والإرهاب والتصدي لمخاطره وتهديداته الممتدة على الصعيدين الإقليمي والدولي.