في هذه الأيام انتشر السجال كثيراً، خصوصاً في الفتاوى الغريبة، وأصبحت من دون ضوابط، والكل منا يُفتي بما يحلو له!... فمن فتوى هدم الكعبة المشرفة، إلى فتوى إرضاع الكبير، وأخيراً فتوى تحريم ممارسة الرياضة في مدارس البنات واعتبارها من أنواع الفساد، وغيرهما كثير! الكل يُسمي نفسه شيخاً!... الكل يطرب فرحاً عندما يُطلق عليه فضيلة الشيخ الفلاني. هذه وصية والد لولده لما تولى الابن القضاء: «أوصيك ألا تستحي أن تقول لما لا تعلم لا أعلم عندما تُستفتى عن مسألة لا يوجد عندك فيها علم ولا دليل، ولست أعلم من الإمام مالك، رحمه الله، عندما سئل فى 40 مسألة فأجاب عن اثنتين أو أربع وقال عن بقية المسائل لا أعلم». وكما تعلم كيف كان الصحابة ومن بعدهم يتدافعون الفتوى من باب الورع والحيطة، ومعلوم أن «أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار». فعندها تقول للسائل إما أن تنتظر حتى نبحث المسألة، أو أسأل لك من هو أعلم منى فيها؟ أو أنت أيها السائل تسأل من هو أعلم مني في هذه المسألة؟ قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وقال صلى الله عليه وسلم «هلا سألوا إذا لم يعلموا إنما دواء العي السؤال». وعلى رغم هذه الوصية القيمة وما ذكر عن الإمام مالك، رحمه الله، وما ذكر عن الصحابة رضوان الله عليهم في البُعد عن الفتوى نلاحظ اليوم التسابق على الفتوى. لو سألت أنا عما سئل عنه الإمام مالك، رحمه الله، لأجبت عنها كلها لم اترك منها أي سؤال سواء أعرفه أو أخمن في الإجابة، المهم أنها ما تفوت علي! أصبح الجميع يتسابقون على الفتوى، بعضهم نعرفهم وبعضهم لا نعرفهم، وأصبحت فتاوى اليوم غريبة الأطوار! ولا ندري عن صحة هذه الفتاوى شيئاً، صدق أو لا تصدق! ولكن ربما تكون ملفقة، أو تم زيادتها من الراوي، أو تم بتر جزء منها، الله أعلم بذلك، ولكن أنا سأفكر أن أفتي في مسائل تخص الأمة الإسلامية وأتجاوز حدودنا الإقليمية إلى بلاد ما وراء النهرين! وصديقي أبو علي أيضاً يفكر في الفتوى ولكن تقتصر فتواه داخل الديار فقط! فإنه يرى في نفسه أهلاً للفتوى، وسيرته الذاتية حاصل على الابتدائية وحافظ بعضاً من جزء «يس»، ألا يحق له الفتوى؟! إن لم تحق له! على الأقل مثله مثل غيره، أو على اقل تقدير يفتي لنفسه والحارة!! لماذا كل هذا السجال؟! لماذا كل هذا الجدل؟! أليس هناك هيئة إفتاء معنية في ذلك في كل البلاد الإسلامية؟! ويجب أن يصدر عنها فتوى جماعية بعيداً من التفرد في الرؤى في كل قضايا المجتمع وعدم ترك الفتوى عائمة من دون ضوابط أو قيود!! ومَنْ أتاح وأباح للكل بإصدار فتوى خاصة به؟! [email protected]