لا شك في أن الجلوس للمرة الأولى في مقعد سيارة جديدة فاخرة هو تجربة مفعمة بأحاسيس مختلفة، فهناك العناصر التي تظهر جلية للمرة الأولى، ورائحة الجلد الغنية التي تغلّف المقعد القابل للتعديل ب22 طريقة، فضلاً عن عدد كبير من الأزرار التي يود السائق التعرّف إلى خصائصها، والتشطيبات الخشبية بملمسها المذهل. هذا الشعور بالراحة الذي يغمرك عندما تغلق باب لينكون MKX 2016، وصوت إغلاق القفل الرئيس، يفصلك عن العالم الخارجي ويجعلك أسير نفسك في سيارة هي امتداد لك، هو الشعور الذي يُعرف بالتصور اللمسي. إن إغلاق العينين يجعل حاسة اللمس أكثر شدّة وقدرة على تمييز التغييرات الدقيقة في مواد الأسطح التي تلامسها أيدينا، بفضل حاسة اللمس التي نعتقدها عملية بسيطة. لكنها في الواقع سلسلة معقّدة من العمليات التي تشمل الضغط وتمدد البشرة والاهتزاز والحرارة، التي تنقل المعلومات عبر الأعصاب الحسية عبر الحبل الشوكي ومنه إلى الدماغ. وتتضمّن هذه العملية التصور اللمسي الذي يمكن وصفه بالاستكشاف الفاعل لمحيطنا عبر اللمس. ويبقى السؤال: لماذا تصبح حاسة اللمس أكثر شدة عندما نغلق عينينا؟ إنه وقف عمل حاسة أخرى، بالطبع، لكن النظام الحسي الجسدي (الآلية التي يستخدمها الدماغ لتقويم اللمس) مختلفة عن بقية الحواس، إذ تتجمع مستقبلات الحواس في الرأس، في حين تنتشر مستقبلات اللمس في أنحاء الجلد والأنسجة العضلية لنقل رسالتهم من خلال الحبل الشوكي. إذاً، من أين نبدأ عندما نكون في المحيط الفاخر الأنيق لداخل لينكون؟ هل نلمس الجلد الطري، الناعم؟ ما هي المقومات التي تجعل من تجربة لمس هذا المحيط مرضية بهذا الشكل؟ من أين تأتي هذه الجلود وكيف تختار؟ بعض من الجلد المستخدم في التصميم الداخلي لMKX مستقدم من السواحل الغربية من اسكتلندا، من مدينة خارج غلاسكو تدعى بريدج أوف وير، وهو أيضاً اسم الشركة التي تنتج هذه الجلود. وتعتبر شركة تصنيع منتجات الجلود الاسكتلندية الفاخرة من بين أكثر شركات القطاع استدامة من حيث انخفاض بصمتها الكربونية، إذ تعتمد بريدج أوف وير منهج دباغة عضوياً خالٍ من الكروم، لصنع منتجات قابلة للتدوير في نهاية دورة حياتها ومنتجات جانبية مستدامة بيئياً من خلال عمليات الدباغة، وهي أيضاً خالية من الإضافات الصناعية، وهو ما يظهر في الحبيبات الطبيعية البارزة في كل قطعة من الجلد. وقد أعدّت بريدج أوف وير هذه الجلود خصيصاً لسيارات لينكون، باستخدام ألوان وحبيبات وتشطيبات خاصة، وصنّعت محفظة من أربعة تصاميم: التجريدية، الأحلام، البسيطة والأساسية. يذكر أن إعداد الجلد المثالي عملية معقدة تستغرق وقتاً طويلاً، ويمكن تلخيصها ب13 مرحلة هي: 1 - التجيير: بعد النقع، يزال الشعر وبقايا البشرة من خلال معالجة الجلود مع خليط من حلول كبريتيد الصوديوم والجير. 2 - البلورة: إزالة أية دهون لا تزال عالقة في خلفية الجلد. 3 - الفصل: يفصل الجلد إلى طبقتين، وتستخدم طبقة الحبيبات (العلوية) في صناعة جلود بريدج أوف وير. 4 - الدباغة: بعد إزالة الأحماض والتخليل لجعل الجلد أكثر مرونة، تدبغ الجلود لموازنة ألياف الكولاجين ومنع تحللها. 5 - الاختيار: يعالج الجلد المدبوغ ميكانيكياً لإزالة المياه الزائدة من خلال عملية تعرف ب «Sammying» 6 - التمليس: يملّس الجلد ميكانيكياً ليصبح أكثر تماسكاً وتناغماً 7 - الصبغ: يصبغ الجلد في براميل من الفولاذ غير القابل للصدأ، وتضاف المستخلصات الزيتية لتليين الأنسجة وتعزيز طراوة الجلد. 8 - التجفيف: بعد إضافة مستخلصات الزيوت الطبيعية لتليين الجلد، تمد الجلود على أطر كبيرة أو تجفيفها آلياً. 9 - تغليف السطح: بعد استكمال عملية التلميس، ووفق رغبة العميل، تطبّق المرحلة الأولى من صباغ الجلد باستخدام أجهزة التغليف الأسطوانية. 10- التشطيبات والتصميم النهائي: تصمم بنى مختلفة للجلود لتعزيز مظهر حبيبات السطح، وهو ما يمكن عمله عبر استخدام أسطوانات أو بكرات محفورة. 11- الضغط: بعد استكمال التشطيبات الخاصة بأسطح الجلود، تنعّم من خلال إسقاطها في براميل دوارة لساعات عدة. 12- الاختبار النهائي: تفحص كل قطعة جلد في صورة منفردة للتحقق من جودتها قبل معالجتها. وفي حال استكمال هذا الجزء بنجاح تحدد مقاسات القطع إلكترونياً قبل إرسالها. 13- القص: يعتبر قص الجلود عملية تتطلّب مهارات كبيرة، فالجلد مادة طبيعية، ومن الضروري الحدّ من هدرها بالتزامن مع المحافظة على طابعها في كل قطعة تصنّع. والمرحلة الأخيرة هي الأكثر أهمية، وبالتالي فإن قطع الجلود وظيفة تتطلّب مهارات كبيرة، إذ يجب على العامل أن يفهم خصائص الجلد المطلوب لكل قطعة من السيارة، وأيها يجب استخدامها، وأكثرها تناسباً مع التصميم النهائي للمقعد أو الكرسي أم الأريكة، قبل استكمال تصنيع المنتج النهائي. ومن المعروف بأن كل قطعة جلد مختلفة في شكل أو بآخر عن سواها. وهناك خصائص عدة للجلد المدبوغ، بما في ذلك الندبات الأصلية وعلامات نمو الرقبة واختلاف كثافة الأنسجة من جزء إلى آخر أو هيكلية مسام الجلد، وهي العوامل التي تؤثر على القرار الخاص باستخدام قطعة جلد ما في المراحل اللاحقة. وتظهر هذه الخصائص في الجلود كلها، لكن حدتها تختلف من قطعة إلى أخرى، فتتنوع الحبيبات وفق قطعة الجلد، وهي ليست أخطاء في عملية الإنتاج، بل علامة فارقة في واحدة من أكثر المواد المنتجة استقطاباً للاهتمام في العالم.