أنزلت اسرائيل بنفسها، حين فتحت النار في المياه الدولية على ناشطين مؤيدين للفلسطينيين ينقلون مساعدة انسانية الى غزة، خسارة عسكرية وديبلوماسية وأخلاقية فادحة. والخسارة عسكرية، أولاً، لأن الجنود الاسرائيليين لم يكونوا على بينة، كما يدعون، من قدرة مسافري مركب «مرمرة» على المقاومة، أو هم استعملوا القوة استعمالاً مفرطاً، على ما يقول مسؤولو «أسطول الحرية». والخسارة ديبلوماسية، لأن الحكومة الاسرائيلية تفاقم عزلتها على الساحة الدولية بعد عدوان يجعلها في حال شبه نزاع مع تركيا، أحد البلدان الاسلامية «المعتدلة» القليلة التي تربطها علاقة ديبلوماسية بها. والإدانات لم تقتصر على العالم الاسلامي، بل صدرت عن الأممالمتحدة وأوروبا. ودول كثيرة طلبت فتح تحقيق في ملابسات المأساة التي قتلت 10 أشخاص على الأقل. والخسارة أخلاقية، أخيراً، لأن التعاطي بالقوة مع 700 ناشط يقولون إنهم مسالمون، وبينهم عد من برلمانيي بعض الدول الأوروبية، وحائز جائزة نوبل للسلام، وأحد الباقين من مخيمات الاعتقال الجماعي، هذا التعاطي قرينة على عجز اسرائيل عن اقناع العالم بحقها من غير طريق السلاح. والحق أن التساؤل عن حقيقة روابط «حماس» بالجمعية غير الحكومية التركية التي استأجرت ثلاث سفن من سفن الأسطول الست، جائز ومشروع. ولكن وصف العمل الانساني الذي يحظى بمساندة دولية عريضة بالإرهابي، ضرب من العبث. وإرسال قوة تدخل ليلية، ثم التعقيب بتصريحات عشوائية تسوغ المجزرة، مرآة حكومة اسرائيلية هائمة على وجهها وتصم أذنها عن الانتقاد. * معلق، عن «لوتان» السويسرية، 1/6/2010، إعداد وضاح شرارة