بعد أسبوع على تفجيرات بروكسيل، تبدو التحقيقات الأمنية، على رغم حملات دهم متواصلة، وكأنها تراوح مكانها، بل يرى محللون أنها سجّلت خطوة إلى وراء. ومع إفراج قاضي التحقيق عن فيصل شيفّو، بعدما اتضح انه لم يكن موجوداً في المطار لحظة التفجير، بل في منزله قرب محطة المترو في «مالبيك» التي استهدفها الهجوم أيضاً، فقد المحققون العنصر الوحيد الذي اعتقدوا بأنه «الرجل معتمر القبعة» الذي تبحث عنه السلطات، وتعتقد بأنه فرّ من المطار قبل أن يفجّر شريكاه إبراهيم البكراوي ونجم العشراوي نفسيهما. وقال المحامي أوليفييه مارتن إن موكله فيصل شيفّو اتُهم استناداً إلى شهادة سائق تاكسي أوصل الانتحاريين الثلاثة الثلثاء الماضي. وأثبت شيفو مكان وجوده عبر سجلات الهاتف الخليوي، بعيداً من المطار، ولو أن منزله يقع قرب محطة «مالبيك». وتراجع سائق التاكسي عن شهادته، فيما أظهرت نتائج تحليل البصمات في العربة التي كان يدفعها المشبوه الثالث، أنها تختلف عن الحمض النووي لشيفّو. وأفرج القاضي عن الأخير، لكنه يبقى متهماً في انتظار المزيد من التحقيقات. لكن رئيس بلدية بروكسيل إيفان مايور أسِف لإطلاق شيفّو، قائلاً: «الحدود ليست واضحة بين متطرف يحرّض ومتطرف يجنّد، والقاضي لم يرغب في تجاوز الحدود». وأضاف: «هذا الشخص حرّض لاجئين وتشاجر مرات مع ممثلي منظمات غير حكومية وأطباء بلا حدود، وطلبت التدخل. طلبت قاضياً رفض التدخل، واضطررت إلى اتخاذ قرار استثنائي بمنعه من دخول المنطقة». وتركّز الاهتمام على الدور الذي قد يكون أداه محمد بلقايد الذي قُتل منتصف الشهر الجاري في ضاحية «فوريست» في بروكسيل، وجمال الدين والي الذي اعتقلته السلطات الإيطالية في جنوب البلاد الأسبوع الماضي، خلال تقديمه طلباً للجوء. وأوردت صحيفة «دي فيلت» الألمانية أن بلقايد أدى دوراً بارزاً في تنسيق وإدارة فريق الانتحاريين الذين نفذوا مجزرة باريس التي أوقعت 130 قتيلاً، علماً أن قوات الأمن عثرت على علم لتنظيم «داعش» ورشاش كلاشنيكوف وكتاب عن الجهاد، إلى جانب جثة بلقايد في «فوريست». وأوردت وسائل إعلام فرنسية أن صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد من منفذي تفجيرات باريس، أبلغ المحققين أنه لجأ إلى شقة بلقايد، بعد المجزرة، مشيرة إلى أن الأخير «لم يرحّب بعودته». وكان بلقايد (36 سنة) أقام في السويد سنوات، حيث تزوج امرأة سويدية. ودخل السجن مرات، بين عامَي 2009 و2013، لإدانته بجرائم تزوير وثائق وسرقة. ويُرجّح أنه أقام في بلجيكا في الأشهر الأخيرة، في شكل غير شرعي. إلى ذلك، طلبت بلجيكا من إيطاليا تسلم جمال الدين والي، إذ يلاحقه القضاء في جرائم تزوير هويات ووثائق في ضاحية «سان جيل» قرب وسط بروكسيل. ويُشتبه في أنه صنع وثائق مزورة استُخدمت في تنقل انتحاريّي تفجيرات باريسوبروكسيل. في غضون ذلك، أكدت ناطقة باسم البرلمان الاتحادي البلجيكي اتخاذ تدابير أمنية إضافية، مستدركة أن مستوى الخطر أُبقي عند ثلاث درجات من مقياس يحوي أربع درجات، نافية تقارير أفادت برفع رسمي لدرجة الخطر في المبنى إلى الدرجة القصوى. في واشنطن، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما عقد اجتماعاً الاثنين مع فريق مستشاريه للأمن القومي، لمناقشة مساعي الولاياتالمتحدة لمحاربة «داعش» بعد تفجيرات بروكسيل. وقال ناطق باسم البيت الأبيض إن «الرئيس أُبلِغ بأن لا معلومات استخباراتية محددة أو موثوق بها، في شأن أي مخطط لتنفيذ هجمات مشابهة في الولاياتالمتحدة».