أعلنت السلطة الفلسطينية امس الحداد ثلاثة أيام على أرواح شهداء «اسطول الحرية» لكسر الحصار عن قطاع غزة، ودعت الى عقد اجتماع عاجل لكل من مجلس الأمن والجامعة العربية، فيما شهدت مدن الضفة الغربية تظاهرات واعتصامات احتجاجاً على الاعتداء الاسرائيلي، وأغلقت مؤسسات السلطة أبوابها في ساعات مبكرة لتمكين الموظفين من المشاركة في الأنشطة الاحتجاجية التي دعت اليها قوى منظمة التحرير وفصائلها. ورأى مراقبون ومحللون في الهجوم الاسرائيلي الدموي على المتضامنين الدوليين بداية لتفكيك وانتهاء الحصار على قطاع غزة، خصوصاً ان المجتمع الدولي أظهر في مناسبات عديدة سابقة تململاً من القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول الاحتياجات الحياتية لأهالي القطاع. واعتبر كثيرون ان الاعتداء يشكل احراجاً لدول عربية عديدة رفضت في السابق فتح الحدود مع قطاع غزة. وأعلن الرئيس محمود عباس الحداد العام في عموم الأرض الفلسطينية وفي مخيمات اللجوء والشتات لثلاثة أيام. ودان في تصريح أدلى به لتلفزيون «فلسطين» امس «الجريمة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق المتضامنين الدوليين على متن اسطول الحرية»، معتبراً ان الاعتداء «عدوان مركب»، اذ انه «اعتداء على مدنيين عزل يقدمون مساعدات انسانية للقطاع المحاصر من اسرائيل». وطالب عباس الأممالمتحدة بالوقوف في وجه إسرائيل التي قال انها «تضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية». وقال ان «قرار ضرب المتضامنين العزل واحتجازهم على الموانئ الإسرائيلية كان متخذاً من جانب القيادة الإسرائيلية في شكل مسبق». وأجرى الرئيس اتصالاً هاتفياً مع الرئيس التركي عبدالله غل بحث خلاله تطورات الاعتداء الاسرائيلي، وقال بيان صادر عن مكتب الرئيس انه عزى الرئيس التركي بالضحايا الأتراك، وتمنى الشفاء العاجل للجرحى، مضيفاً ان الرئيسين اتفقا على متابعة تداعيات ما اسماه «القرصنة الإسرائيلية». كما أجرى عباس اتصالات هاتفية مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ومسؤولين في البيت الابيض بحث معهم فيها تداعيات الحدث. وقال بيان رئاسي انه طالب بعقد اجتماع عاجل لمجلس الامن لمناقشة الحدث وتداعياته، مضيفاً ان عباس ابلغ الإدراة الأميركية احتجاجه الشديد على الهجوم الإسرائيلي، وشدد على «ضرورة تحرك المجتمع الدولي لمحاسبة إسرائيل على هذا العدوان». ودان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الهجوم الاسرائيلي، وقال في بيان افتتح به الاجتماع الاسبوعي لحكومته، ان «هذه الجريمة تُظهر مجدداً استهتار اسرائيل وتنكرها للأعراف والقواعد والقوانين والقرارات الدولية... كما أنها ُتظهر مدى الحاجة لوضع حد للسياسة العدوانية التي تمارسها اسرائيل، وفي مقدم ذلك رفع الحصار عن شعبنا، خصوصاً في قطاع غزة، من دون قيد أو شرط». واضاف: «آن الأوان لترجمة القرارات الدولية الداعية لرفع الحصار، والتي سبق ان أعلنت في اكثر من مناسبة، بدءاً من مؤتمر شرم الشيخ لإعادة إعمار القطاع، والبيان الأوروبي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، والمواقف الدولية الأخرى كافة، إلى مواقف عملية تلزم اسرائيل رفع الحصار عن قطاع غزة، واحترام وحدة الأرض الفلسطينية». وقال فياض ان الرد الفلسطيني على هذه الجريمة يتمثل في ضرورة الإسراع في إنهاء حال الانقسام، داعياً حركة «حماس» إلى «التجاوب مع المساعي الهادفة إلى تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وتوحيد الجهود والمواقف الفلسطينية ضد سياسات الاحتلال المتمثلة بالحصار والاستيطان، واستنهاض طاقات شعبنا في الخلاص من الاحتلال وبناء الوطن ومؤسساته». ودانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في بيان «القرصنة» الاسرائيلية، ورأت انها «جريمة لا يمكن تبريرها بأي صورة كانت»، مؤكدة ضرورة «إسقاط الذرائع الاسرائيلية المتسلحة بانقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية من خلال تلبية الحركة غير المشروطة أسس الوحدة الوطنية وطي هذه الصفحة السوداء في تاريخ النضال الوطني عبر التوقيع على الورقة المصرية للمصالحة باعتبارها تمثل اجماعاً وطنياً». ورأت ان «كسر الحصار نهائياً عن قطاع غزة وتأمين حرية دخول وخروج المواطنين والبضائع يتطلب حراكاً سياسياً وطنياً مع العالم». اما حركة «فتح»، فاعتبرت ان الهجوم الاسرائيلي يشكل «جريمة حرب» ودعت الى مسيرات واعتصامات في كل المدن الفلسطينية واعتصام تضامني امام ممثلية تركيا في رام الله. اتصالات مشعل من جهة اخرى، أعلنت «حماس» أن رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل أجرى اتصالات مكثفة مع عددٍ من الزعماء والمسؤولين العرب للتباحث في أبعاد ما وصفته ب «مجزرة الحرية». وقالت في بيان لها ان اتصالات مشعل شملت الزعيم الليبي معمر القدافي، والرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع، ووزير الخارجية السوري وليد المعلم، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، إضافة إلى عددٍ من المسؤولين العرب. واضافت ان مشعل «شدّد خلال محادثاته على ضرورة إدانة الجريمة الصهيونية، ومحاكمة قادة الكيان الصهيوني كمجرمي حرب، وعدم إعطائهم الفرصة للإفلات بجريمتهم، إضافة إلى ضرورة اغتنام هذه اللحظات التاريخية لكسر الحصار نهائياً عن قطاع غزّة». وفي القدسالمحتلة (أ ف ب)، عمّ إضراب شامل امس احتجاجاً على مهاجمة «اسطول الحرية»، واغلقت المحال التجارية ابوابها وبدت القدسالشرقية مدينة الاشباح.