ينتظر أنصار الزعيم الديني العراقي مقتدى الصدر المعتصمون أمام بوابات المنطقة الخضراء التوجيهات، بعد انتهاء المهلة التي حددها لرئيس الوزراء حيدر العبادي لتنفيذ الإصلاحات والتغيير الوزاري. ووصل الصدر مساء أمس إلى بغداد، وزار مخيمات المعتصمين واطلع على أوضاعهم، وسط إجراءات أمنية مشددة، إذ قطعت بعض الشوارع الرئيسية وجسر «زيونة» الرابط بين شرق القناة وملعب الشعب، والطريق السريع من منطقة الدورة إلى طريق محمد القاسم، وجسرا «السنك» و «الجمهورية»، فضلاً عن انتشار قوات مكافحة الشغب، فيما لم تكشف الأجهزة الأمنية أسباب تلك الإجراءات. وقال الصدر ان المقيمين في المنطقة الخضراء «راهنوا على ان لا فقر في العراق (في حين) راهنتُ على ان الشعب في حاجة وفقر، وراهنوا على عدم وجود الفساد وراهنت على وجود الفساد، وراهنوا على عدم انضباطكم وتنظيمكم، وراهنتُ على أنكم مطيعون ومنظمون». وأكد أن «مشروع الاصلاح مهم جداً، رفعنا راية الاصلاح السياسي والحكومي وأطلب منكم الاستمرار على هذا المشروع». وتوجه الصدر بعدها مع مجموعة قليلة من مرافقيه الى بوابة الخضراء، حيث استقبله جنود وضباط كبار قام عدد منهم بتقبيل يده من دون ان يعترض أحد طريقه. وجلس خلف جدار الخضراء الاسمنتي ونصب مرافقوه خيمة خضراء ستكون مكان اعتصامه. ونقل تلفزيون «الطيف» التابع له مشاهد تظهر دخوله المنطقة ونصب الخيمة وجلوسه داخلها الى جانب مجموعة من رجال الدين المقربين منه. وطلب من انصاره خارج الأسوار عدم الصراخ أو الهتاف لعدم ازعاج السكان. وشدد على وجوب عدم الإساءة الى قوات الأمن وقال: «من يسيء الى قوات الأمن يسيء اليّ شخصياً». وتفرض قوات الأمن اجراءات مشددة حول اسوار المنطقة الخضراء التي تضم مقري الحكومة والبرلمان وعدداً من مقار البعثات الاجنبية وأبرزها سفارتا الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وعلى رغم الدعم الذي يحظى به رئيس الوزراء من المرجعية الشيعية والتأييد الشعبي إلا أنه يواجه صعوبات كبيرة في إجراء إصلاحات سياسية ملموسة. وشكا العبادي الذي ينتمي الى حزب الدعوة الذي يحكم البلاد منذ عام 2005 من شركائه السياسيين محملاً إياهم مسؤولية عرقلة الاصلاحات خوفاً من فقدان الامتيازات. ورأى المحلل السياسي عصام الفيلي أن تحرك الصدر غير المسبوق «يأتي في إطار الضغط المتواصل لإحراج الحكومة». وقال: «إن العراق مقدم على تغيير جذري من خلال إصرار الصدر ونزوله الى الساحة أمام أتباعه (...) الصدر يريد أن يقود التغيير في إطار السياسة بما يخدم المصلحة العامة». وعن موقف العبادي من هذه الخطوة، أوضح أن «رئيس الوزراء يتعاطف مع هذه الأوضاع لأنه يريد ان يتحرر من الكتل السياسية التي تنادي بالإصلاح ولكنها لا تقوم به». وتهيمن الأحزاب الكبيرة على السلطة من خلال المحاصصة السياسية وتتقاسم الامتيازات، وقد تقاسمت كل المناصب العليا في الدولة، الأمر الذي أبعد الكفاءات. ويسعى الصدر الى إنهاء هذه الحقبة عبر الدعوة الى تظاهرات واعتصامات بهدف إبعاد الأحزاب الكبيرة من الحكم واستبدالها بتكنوقراط. كما يطالب بفتح ملفات الفساد المالي في العراق بعدما تمكن العديد من المتهمين بالفساد من مغادرة البلاد من دون محاسبة. ويحظى الصدر بتأييد شعبي واسع، خصوصاً بين الطبقات الفقيرة التي تشكل الغالبية. وساهمت الحركة الاحتجاجية التي يقودها منذ اسابيع في تنامي هذه الشعبية. وقال عضو لجنة الاعتصامات محمد الكعبي ل «الحياة» إن «مقتدى الصدر فاجأ الجميع بحضوره الى بغداد وزيارته المعتصمين من دون اعلان مسبق وقد يكون ذلك سبباً مهماً في تشديد الإجراءات الأمنية في محيط المنطقة الخضراء والطرق المؤدية إليها». ولفت الكعبي إلى أن «زيارة الصدر جاءت قبل يومين من انتهاء المهلة التي حددها للحكومة وهي رسالة مهمة إلى جميع المعنيين بتنفيذ الإصلاحات ورافضيها، وهو سيعلن الخطوات المقبلة بعد انتهاء المهلة وأقصى حد لها مساء اليوم الاثنين». وكان «المعاون الجهادي» للصدر كاظم العيساوي أكد خلال مؤتمر صحافي أمام بوابات الخضراء أن «الصدر وصل إلى بغداد، وأن الاعتصام أمام المنطقة قد يمدد بعدما لمس من المعتصمين الصبر والانضباط»، داعياً «المعتصمين إلى أن يكونوا على أهبّة الاستعداد لأي أمر». إلى ذلك، قال المعتصم ياسر التميمي إن «غالبية المعتصمين يترقبون بحذر ما ستؤول إليه الأمور بعد انتهاء المهلة الممنوحة للحكومة لإجراء التغييرات الوزارية كما ينتظرون بفارغ الصبر الأوامر لاقتحام المنطقة والاقتصاص من المفسدين».