الصحافة مهنة الصخب والأرق، بخيلة في كرمها فلا تمنح ألقها إلا لقلة نجحت في الانسجام مع متطلباتها، كثيرون يتركونها في أول الطريق، بذاكرة مثقوبة يبتعدون عنها، فتبتعد عنهم، لكن في المقابل هناك أسماء رسخت لوجودها، متجاوزة كل الضجيج الذي تكتنفه. الزميلة منى المنجومي في مكتب «الحياة» بجدة واحدة من هذه الأسماء، التي يشتعل عراكها مع الكلمة بشكل يومي. بداياتها كانت من خلال مجلة «سيدتي» عام 1999، وتحديداً عبر زاوية تتناول فيها أهم ما يدور في عالم الانترنت، حديث النشأة في المملكة العربية السعودية في ذاك الوقت، وعلى رغم تواضع انطلاقتها إلا أنها أوجدت لها مساحة معقولة من الانتشار لدى المهتمين، جعلتهم يتابعون ما تقدمه من جديد في هذا المجال. تقول إنها استفادت من هذه الزاوية التي كانت سبباً رئيساً لانتقالها عام 2000 إلى العمل بمكتب صحيفة «الوطن» في جدة، وبمحض الصدفة، حيث وضعت زميلة لها رقم هاتفها على سيرتها الذاتية وأرسلتها لمكتب الصحيفة، فجاءها اتصال من نائب رئيس التحرير في ذاك الوقت الزميل خالد المطرفي، الذي أخبرها أنه يعرفها ويتابع كتاباتها، وعرض عليها الانضمام كمتدربة لفريق العمل في الصحيفة، فوافقت على الفور. «منى» خريجة قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، أثارت بعد التحاقها ب «الوطن» كثيراً من الجدل حول المواضيع التي تقوم بطرحها، أهمها موضوع تناول الصحافي الرشاوى على شكل هدايا، أو ما شابه، وتأثير ذلك في حيادية طرحه، «أخذ الهدايا تقتل الصدقية عند الصحافي، المفروض أنه طالما اخترت العمل الصحافي وبرغبتي التامة، على رغم ما يكتنفها من مصاعب وعقبات، فلا بد أن تكون علاقتي حيادية مع كل مصادري، حتى أكون أكثر صدقية في الشيء الذي اكتبه»، مؤكدة أنها سعيدة بهذا الموضوع على رغم كثرة الانتقادات التي وجهت إليها بسببه. صادفت الفترة التي عملت فيها «منى» بمهنة الصحافة، ارتكاب بعض العمليات الإرهابية في جدة، وقدمت وقتها تغطية ميدانية مميزة لهذه العمليات، إلى الحد الذي أوقعها في إحدى تغطياتها في قبضة رجال أمن القنصلية الأميركية في جدة، حيث تم إلقاء القبض عليها، أثناء تصويرها ما خلفته العملية الإرهابية من آثار، ولعدم حملها بطاقتها الصحافية، فقد وقعت في مأزق امني، ساعد في انتهائه – بحسب قولها- اتصال مصادف من المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، الذي أخبرته على الفور بما حدث، فوعدها بتوضيح موقفها، وقد كان، إضافة إلى أن الصحيفة أرسلت للجهات المعنية احد مسؤوليها الإداريين ومعه بطاقتها الصحافية. توضح «منى» أنه في عام 2005 كانت صحيفة «الحياة» تؤسس لطبعتها السعودية والخليجية، وقد جاءها عرض الانضمام إلى فريق العمل المؤسس لها في جدة، فوافقت مباشرة على هذا العرض الذي تقول عنه: «كان حلمي ان التحق بصحيفة دولية، وكانت «الحياة» هي ذلك الحلم الذي تحقق»، وفي اول مهمة لها ذهبت مع فريق العمل لإجراء حوار صحافي مطول مع الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز - رحمه الله - أمير منطقة مكةالمكرمة السابق، نشر في الأعداد الأولى للصحيفة. ولأن ستايل «الحياة» التحريري مختلف عن أية صحيفة محلية، فتعترف «المنجومي» أنها واجهت كثيراً من الصعاب، بعد انضمامها لفريق العمل بالصحيفة حتى تتأقلم مع هذا «الاستايل» وخضعت لدورات تحريرية مكثفة، من الصحيفة، حتى تعتاد على أسلوبها. انطلاقتها الحقيقية في «الحياة»، تقول عنها: «بدأت انطلاقتي مع فكرة صفحة اقترحها الزميل جميل الذيابي، تدور حول إجراء حوارات مطولة مع رؤساء تحرير الصحف السعودية، ومناقشتهم في بعض القضايا المطروحة على الساحة، وأثارت الصفحة حراكاً كبيراً، للحد الذي دفع ببرنامج الحدث على قناة «ال بي سي» تخصيص حلقة بالكامل عن الموضوع نفسه». «منى» تقول إنها تعتبر نفسها محظوظة، لأنها أول صحافية تجري تحقيقاً عن أحداث «العيص» في المدينةالمنورة من زلازل وتخوف من نشاط بركاني، من داخل طائرة، وعلى ارتفاعات منخفضة، بما عرضها لكثير من المخاطر، لكنها نجحت والزميل المصور احمد طاحون، في التقاط صور مثّلت سبقاً للصحيفة.