اعتبرت أوساط إسرائيلية قرار «مؤتمر مراجعة معاهدة الحدّ من الانتشار النووي» في نيويورك الذي دعا إلى "قيام منطقة منزوعة السلاح النووي، تشمل إسرائيل وإيران"، صفعة مدوية لم تكن تنتظرها، واتهمت الإدارة الأميركية بأنها نكثت وعدها عدم دعم مشروع قرار كهذا. كما تحدثت وسائل الإعلام العبرية عن صفعتين أخريين وجهتا إلى إسرائيل تتمثل الأولى في خسارة المعركة الإعلامية في اعتراض إسرائيل المتوقع ل «أسطول الحرية»، والثانية في قرار أكبر المصارف في ألمانيا سحب أسهمه من شركة «البيت» الإسرائيلية للتكنولوجيا المتطورة احتجاجاً على مساهمتها في بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية. ولخص كبير المعلقين في صحيفة «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع وضع إسرائيل في الحلبة الدولية بأنه «غير جيد». ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن محافل سياسية رفيعة المستوى «غضبها وخيبة أملها» من قرار اللجنة الأممية دعوة إسرائيل إلى الانضمام إلى معاهدة حظر نشر السلاح النووي ووضع منشآتها النووية تحت الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأشارت إلى أن الغضب موجه أساساً لإدارة الرئيس باراك اوباما «التي لم تنجح في منع اتخاذ القرار على رغم مضمونه المناوئ لإسرائيل، بل ارتأت دعمه». ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن «الأميركيين ذهبوا الى النوم مع الكلاب، وعليهم ألا يفاجأوا إذا أفاقوا مع البقّ»، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يتم فيها ذكر اسم إسرائيل من جانب اللجنة الأممية «مع العلم أن لدى الهند وباكستان مخزوناً هائلاً من السلاح النووي، لكن اللجنة الأممية لم تذكرهما بالاسم حين دعت إلى الانضمام إلى معاهدة حظر نشر الأسلحة وإخضاع منشآتها للرقابة». وأقرت الأوساط السياسية أنها فوجئت من القرار «في شكل تام»، مضيفة أن مستشار رئيس الحكومة للأمن القومي عوزي أراد توصل إلى تفاهمات مع نظيره في البيت الأبيض جيمس جونز قضت بألا يتمحور قرار اللجنة الأممية على إسرائيل، وأنه في حال تم التركيز عليها في البيان الختامي، فإن الولاياتالمتحدة ستعارضه. وتقول إسرائيل إن ثمة «تفاهمات تاريخية» تم التوصل إليها عام 1969 بين إسرائيل والولاياتالمتحدة تقضي بأن تجهض واشنطن أي محاولة دولية لإخضاع المنشآت النووية في إسرائيل للرقابة الدولية، شرط ألا تجري إسرائيل أي تجارب نووية. ووفقاً لمصادر إسرائيلية، فإن الولاياتالمتحدة أيّدت القرار تحت ضغط عربي هائل قادته مصر، «واستنتجت الولاياتالمتحدة أنه في حال عارضت القرار، فإن ذلك سيمس بجهودها لتشديد العقوبات على ايران». لقاء نتانياهو وأوباما من جهة أخرى، حاولت مصادر سياسية قريبة من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو التقليل من أهمية القرار، واعتبرته ذا صبغة إعلانية لا أكثر، وأن مجلس الأمن وحده القادر على إرغام دولة على إخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية. وأضافت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية سيطرح هذه المسألة في لقائه اوباما غداً في البيت الأبيض. وأشار إلى حقيقة أن الإدارة الأميركية سارعت إلى إصدار بيان انتقدت فيه تطرق البيان الختامي للمؤتمر لإسرائيل تحديداً وتجاهل ايران، كما سارعت إلى إيصال رسائل تهدئة لإسرائيل تؤكد فيها أنه في حال طرح الموضوع على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي، فإنها ستجهض أي محاولة لإخضاع المنشآت النووية الإسرائيلية لرقابة دولية. وكان نتانياهو اعتبر دعوته إلى البيت الأبيض انتصاراً لسياسته المتشددة ورفضه الشروط ألأميركية، في مقدمها وقف البناء الاستيطاني في القدس. ونقلت صحف عبرية عن أوساطه أنه يشعر بارتياح كبير حيال تسوية الأزمة مع واشنطن من دون أن يدفع ثمناً سياسياً كان من شأنه أن يعرض ائتلافه الحكومي إلى الخطر. «اسطول الحرية» والإعلام إلى ذلك، واصل سلاح البحرية الإسرائيلية استعداداته لاعتراض سفن «أسطول الحرية»، وسط أنباء عن رفض وحدة «مكافحة الإرهاب» في الشرطة الإسرائيلية المساهمة في عملية الاعتراض خوفاً من تعرض أفرادها إلى مساءلة قانونية دولية. ولمحت تقارير صحافية إلى أن إسرائيل كانت وراء عدد من الأعطال التي أخّرت وصول الأسطول إلى شواطئ غزة، وقالت «يديعوت أحرونوت» إنه «ليس مستبعداً أن تكون أذرع الاستخبارات الإسرائيلية تدخلت لتشويش الاتصالات اللاسلكية بين سفن الأسطول». وأضافت أن إسرائيل تبذل كل جهد ممكن كي تقع «المواجهة المتوقعة» بين السفن والكوماندوس البحري في ساعات الظلام لتكون بعيدة قدر الإمكان عن أضواء الإعلام. قرار المصرف الالماني في غضون ذلك، أعربت إسرائيل عن خيبتها من قرار أكبر المصارف في المانيا «دويتشا بنك» بيع أسهمه بقيمة 2.6 مليون دولار في شركة «ألبيت» الإسرائيلية المتخصصة في تصنيع تكنولوجيا أمنية متطورة مثل منظمات إنذار للطائرات ومنظومات مراقبة وأخرى لمجال الفضاء أو تعطيل مركبات مدرعة، وذلك احتجاجاً على مشاركة الشركة في بناء منظومات رقابة الكترونية للجدار الفاصل في الضفة وبناء منظمات حماية الكترونية للمستوطنات في الضفة. وكتب ناحوم بارنياع ملخصاً «الصفعات الثلاث المدوية» وقال إن قرار المؤتمر يزيد من عزلة إسرائيل الدولية «فيما الإبحار (أسطول الحرية) نحو غزة لا يضيف راحة». وأضاف أن نتانياهو ليس قلقاً من الصور غير اللطيفة من المواجهة المتوقعة مع السفن بقدر قلقه من التدهور المتواصل في العلاقات مع تركيا «وهذه ليست مشكلة إعلامية إنما استراتيجية». وتابع أن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة «مني بفشل ذريع، ولم يحل دون دخول الصواريخ إليه، كما لم يضعف حركة حماس». وزاد انه عشية لقاء نتانياهو مع الرئيس الأميركي يتوقع الأخير منه أن يقدم شيئاً لدعم العملية التفاوضية «ولن يكتفي بمعسول الكلام».