تاكسي يطارد سيارة شرطة... هذا ليس مشهداً سينمائياً بل واقعة حقيقية شهدها شارع تعز في العاصمة اليمنية صنعاء قبل بضعة أسابيع وضجت بها المدينة. ما حدث هو أن شاباً لا يتجاوز العشرين من عمره كان يقود سيارة تحمل لوحة شرطة. وعندما توقف عند إشارة المرور تقهقرت السيارة إلى الخلف، من دون أن ينتبه الشاب ربما، فاصطدم مؤخرها بمقدم التاكسي. وفور ترجل سائق التاكسي لمعاينة اثر الحادثة انطلق الشاب هارباً بسيارته، لتبدأ بعدها مطاردة لم تعرف نهايتها. قيادة الأبناء لسيارات آبائهم خفية منهم أمر شائع في اليمن ولا يقتصر على السيارات الحكومية بل يشمل مختلف أنواع المركبات. وبعض المراهقين يتعلمون القيادة خلال هذه السويعات التي يقودون فيها مركبات ذويهم خلسة، خصوصاً في نهار رمضان وأيام الجمعة حين يكون رب الأسرة منشغلاً في المقيل مع ضيوف أو أقارب. وبعض الآباء يغض الطرف أحياناً والبعض الآخر يتباهى بكون ابنه يقود سيارة وهو لا يملك رخصة قيادة. وتؤدي قيادة الأبناء لسيارة رب الأسرة بعلمه أو من دون علمه الى حوادث كثيرة ومتشابهة. فهد (33 سنة) يتذكر الحادثة المشؤومة التي كادت تقوده إلى السجن. حدث ذلك في السنة الأولى له في جامعة صنعاء. فذات يوم جمعة قاد فهد سيارة والده ليوصل والدته وشقيقاته الى منزل قريب لهم. وفيما هو يعبر أحد شوارع العاصمة، فقد السيطرة على المقود كما يروي، ليجد السيارة تهرول نحو بوفيه (مقهى) وتدهس شاباً يعمل في المقهى ما لبث أن فارق الحياة في المستشفى. ولولا مكانة والد فهد وتدخل وساطات قبلية أسفرت عن قبول أسرة الضحية بدفع دية لكان فهد الآن خريج سجون في أحسن الأحوال بدلاً من خريج جامعي بدرجة عالية بحسب إفادته. ودرجت بعض العائلات الميسورة منح سيارة لأبنائها كهدية لمناسبة النجاح في البكالوريا من دون أن تعطي أهمية لمدى تهور الأبناء في القيادة أو عدمه، أو تتحرى عن تأهيلهم في القيادة أو تحرص على تعليمهم إياها. أما بعض الميسورين من الطلاب فيبدأون مغامراتهم مع السيارة في المرحلة الثانوية فيترك مقاعد الدراسة خلال اليوم ليقوموا بجولة في السيارة مع الرفاق. ويرشح من أحاديث بعض الشبان أن القيادة بسرعات كبيرة تمنحهم متعة في شكل يحول دون التفكير في العواقب. والراجح أن مشاهدة أفلام «الأكشن» والمطاردات تساهم في تعزيز ميول القيادة بسرعات كبيرة خصوصاً لدى المراهقين الذين يحاولون التشبه بأبطال أفلامهم، مع ميل عام في اليمن الى عدم الالتزام بالسرعات المحددة قانوناً وهي 100 كلم في الساعة على الطرق الخارجية و60 كلم داخل المدن و 3 كلم في الشوارع المجاورة للمدارس. وتبدو ثقافة عدم اتباع قواعد المرور خصوصاً في وسائل النقل العام حيث هو شائع أن تسمع بعض الركاب يحثون السائق على زيادة سرعته ويتذمر إذا بدا عليه شيء من الانضباط. وعند السفر بين المدن خصوصاً في سيارات البيجو الشائعة لهذه الرحلات، ثمة من يفضل أن يكون السائق شاباً لاعتقاد سائد بأن السائق المتقدم نسبياً في السن يقود عادة بسرعات عادية. ويصنف اليمن ضمن الدول الأكثر عدداً في ضحايا حوادث الطرق. وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية اليمنية الأخيرة بلغ عدد الحوادث التي شهدتها البلاد خلال السنوات العشر الماضية 126773 نتج منها 24009 حالة وفاة و157952 حالة إصابة. ويقدر المعدل اليومي لحوادث السير ب 34 حادثة ينتج منها 6 حالات وفاة و43 إصابة غالبيتهم من الشباب. وتمثل حوادث الدهس 34،8 في المئة من إجمالي الحوادث مقابل 50،3 في المئة حوادث اصطدام آليات و12،2 في المئة حوادث انقلاب.