شهدت الجلسة الأولى من محاكمة الصحافيين المعارضين جان دوندار وإردام غول، كثيراً من التوتر والاعتراضات، وانتهت بسجال بين رئيس المحكمة ونواب معارضين رفضوا الخروج من القاعة، ما دفع القاضي إلى تأجيل المحاكمة إلى الأول من نيسان (أبريل) المقبل، متخذاً قراراً بتحويل المحاكمة إلى سرية. يبدو أن هذه الملابسات أتت لإحباط خطط دوندار، رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت» العلمانية الأتاتوركية، تحويل جلسات مثوله أمام القضاء إلى محاكمة علنية للحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان، من خلال التركيز على التقرير الذي نشرته صحيفته ويحاكم بسببه بتهمة الخيانة والتجسس، وكشف حقيقة إرسال الاستخبارات أسلحة إلى سوريا. لكن سرعان ما أحبطت خطة دوندار، بموافقة القاضي على طلب المدعي العام الذي أبدل قبل يومين ومن دون مبرر، على جعل جلسات المحاكمة سرية ومنع نشر تفاصيلها. ولم يكترث رئيس المحكمة لاعتراض دوندار ومحاميه على قرار السرية، فيما ربط مراقبون بين تنصيب مدع جديد وتغيير قاضيين من أصل خمسة يتابعون القضية. كذلك أقر رئيس المحكمة طلب الادعاء بقبول مشاركة كل من رئيس الاستخبارات هاكان فيدان والرئيس رجب طيب أردوغان في المحاكمة بصفتهما مشتكيَين، على أن تنوب عنهما هيئة محامين. وبعد نحو ثلاث ساعات تخللها استراحات قصيرة، طلب القاضي من نواب المعارضة الحاضرين مغادرة القاعة بسبب سرية الجلسة، لكن النواب الممثلين ل «حزب الشعب الجمهوري» و «حزب الشعوب الديموقراطية» رفضوا الخروج وتمسكوا بحصانتهم القانونية وحقهم كنواب في الاطلاع على أي محاكمة، ما اضطر القاضي إلى رفع الجلسة وتأجيلها إلى الأول من نيسان المقبل. واعتبر النائب غارو بايلان، أن «إصرار القاضي على خروج نواب البرلمان يثير شكوكاً في نزاهة المحاكمة واحتمال وجود نيات مبيتة». ولم يتضح على الفور هل يستطيع القاضي منع دخول النواب في الجلسات المقبلة. وتتعلق القضية باتهام صحيفة «جمهورييت» بإعادة نشر صور لشاحنتين تابعتين للاستخبارات التركية محملتين بالسلاح، ضبطهما الجيش التركي والجندرمة وهما في طريقهما إلى سورية، وذلك بعد نشر أتباع الداعية المعارض فتح الله غولن على الإنترنت صور الشاحنتين وملابسات ضبطهما. ودفع تحقيق مفصل أجرته «جمهورييت»، أردوغان الى التراجع عن تصريح قال فيه إن الشاحنتين تحملان مساعدات إغاثية للتركمان في شمال سورية، واعترافه بأنهما حملتا سلاحاً للتركمان، لكنه اعتبر نشر الصور وكشف القصة «خيانة للدولة وعملاً جاسوسياً». وبالتزامن مع جلسات محاكمة جان دوندار، توقف موقع «راديكال» اليساري المعارض عن العمل نهائياً، بقرار من «مجموعة دوغان» التي تواجه ضغوطاً من الرئيس أردوغان لتغيير سياساتها التحريرية. وفضل صاحبها أيضن دوغان تصفية الصحافيين المعارضين في شركاته بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وتعتبر «راديكال» أهم موقع إخباري يجمع عدداً كبيراً من الكتاب المعارضين المشهورين أمثال جنكيز شاندار ومراد يتكن وفهيم طاش غاتيران، وهم من المنتقدين لسياسة أردوغان في سورية. وتوقف الموقع عند آخر خبر نشره، وهو الإفراج الخميس عن «أبو حنظلة الداعشي» في إسطنبول بعد توقيف دام 8 أشهر، من دون إبداء الأسباب. والأخير متهم مع سوريين وعراقيين بتشكيل خلايا للتنظيم الإرهابي وتجنيد الشباب للانضمام إليه.