توعد خبراء ومختصون بمستقبل بيئي قاتم لمدينة جدة في المستقبل المقبل، نتيجة العقبات التي تهدد بناء سدود تعمل على تصريف المياه غير المرغوب فيها، معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى انتشار أمراض حمى الضنك والملاريا وجميع الوبائيات التي تسهم في انتشارها مثل تلك المياه بشكل أكبر عن السابق.وحذر الخبير في شؤون المياه والبيئة المهندس الزراعي محمد بخاري من المخاطر المحدقة التي ستخلفها المياه في عدم مشاريع إنشاء السدود وشكك في عدم جدواها، لكونها لا تعتمد على أسس ومعايير دقيقة. مطالباً بإنشاء السدود الجوفية لأنها ستحقق فوائد في زيادة المخزون المائي. وأكد بخاري أن السدود لن تنفع مدينة جدة إطلاقاً وستكون نتائج إنشاء السدود سلبية. وقال ل «الحياة»: «تجمع المياه في مدينة جدة «خلف السدود» سيخلق مشاكل كبيرة بدأت في الفترة الماضية كأمراض حمى الضنك والملاريا وغيرهما». وتساءل، كيف للجهات المعنية السيطرة على 11 سداً مزمع إنشاؤها في المدينة وهي لم تستطع السيطرة على بحيرة واحدة «بحيرة المسك»؟. مشيراً إلى أن الحل الوحيد لوضع مياه السيول هو فتح مجاري الأودية. مستشهداً بدولة «هولندا» التي تشهد الكثير من مدنها أمطاراً غزيرة على مدار العام ولم تعمل على إنشاء سدود ولكنها سعت على فتح مجاري السيول وترك المياه تخرج من خلالها. وأضاف: «إن الكثير من السدود المنشأة في السعودية أنشئت بطريقة «ارتجالية» ولم تسبقها دراسات لقياس النتائج المستقبلية لمدى نجاحها، كما كانت العشوائية بائنة في اختيار المناطق التي أنشئت عليها السدود، على اعتبار أن الكثير منها تقع في مناطق لا توجد بها أمطار على مدار العام». وفي هذا السياق، أوضح أن في غالبية دول العالم يعيّن، عند إنشاء السدود، استشاري مياه يسمى «طبيب السد» لحماية ومراقبة السد، واتخاذ الخطوات السليمة. عكس المتبع في السدود في السعودية، إذ يكون المسؤولون عنها أشخاص لا يحملون أي مؤهلات علمية ولا خبرات عملية في مجال المياه. وأشار المهندس البخاري إلى أن منسوب المياه في مدينة جدة آخذ في الارتفاع بشكل مستمر، مرجعاً ذلك إلى عدم وجود شبكة للصرف الصحي وتسريب كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي داخل الأرض، إضافة إلى تسرب المياه من شبكة المياه النقية بمعدل قد يتجاوز 220م 3يومياً، عازياً أسباب ارتفاع منسوب المياه إلى تسرب كميات كبيرة من بحيرة المسك، إذ إنها تقع على طبقة صخرية متصدعة «بها شقوق» تساعد على تسرب المياه إلى داخل المدينة (شمال وجنوب وغرب جدة) وقد ثبت ذلك في أحياء السامر والتوفيق وبريمان وبعض الأحياء الأخرى. ولمعالجة ما يمكن علاجه، طالب بخاري بإنشاء السدود الجوفية، لأنها ستحقق فوائد تتمثل في زيادة المخزون المائي للمياه السطحية «الآبار السطحية» التي هي المورد للمياه في المنطقة، وحماية الأودية من الانجراف الشديد خلال جريان السيول والحفاظ على مستوى شبه ثابت من المياه في الآبار خلال فترات الجفاف، ويمكن الوصول إلى 100 في المئة من إعادة خزن هذه المياه في الآبار، باستخدام السدود الباطنية وخفض كلفة الضخ للمياه الجوفية باستخدام مضخات أقل طاقة من الأخرى التي تتطلب مضخات أكبر بحجم وطاقة كبيرين لدفع المياه.