تسمح المحطات التلفزيونية العربية بملاحظة التدهور الحاصل في السينما العربية. ثمة أفلام لا يخطر ببال أحد الذهاب إلى دور السينما لمشاهدتها، إما ببساطة لأنه لا يقطن بلداً عربياً أو لأن وضع دور السينما، إن وجدت، لا يشجع دوماً على بذل الجهد والوقت. ولكن حين تعبر أمامه أفلام «سينمائية» (إن أمكن إطلاق هذا الوصف عليها) على الشاشة الصغيرة، يقول لنر ما يحدث ولنشاهد ما قرأنا عنه. إذا كان هذا المشاهد يتحلى بخصلة الصبر، التي باتت نادرة هذه الأيام لا سيما عند مشاهدة التلفزيون، وبالشجاعة الكافية لأن يفرض على النفس ما لا يستحق حقا الفرض، فقد يحاول أن يحتمل ما يمر أمامه من زعيق وقفز وجري، وحركات بهلوانية وهستيرية وخفة دم ثقيلة ونطق غير مفهوم لسوء في إدارة الممثلين وفي تقنية الصوت. سيجد هذا المتفرج نفسه وبعد دقائق يشعر بالدوار وهو يحاول متابعة هؤلاء الذين لا يكفون عن الجري وبالصداع لشدة ما تناهى إليه من الصراخ... ما يدفعه للتخلص من صبره وهو يشعر براحة ضمير كاملة لعدم رؤيته كل ما فاته من تلك الأفلام. تعرض محطات منها «أبو ظبي» و«دبي» و«إم بي سي» وحتى المغربية أفلاماً هندية ومصرية وتكتفي «روتانا سينما» بالأفلام المصرية (لما؟؟). ولكن، ألا يوجد غير هذه الأفلام المصرية التي تدعو إلى السخرية بمستوى الفكاهة والأكشن وتلك الهندية الانفعالية الميلودرامية؟ صحيح لها جمهورها، إنما لماذا يُهمل الجمهور الآخر على معظم المحطات العربية؟ فإذا كانت الحجة تأتي دائماً تحت شعار «الجمهور عاوز كده»، فإن الجمهور يعتاد ما نقدمه له. ويمكن تدريجاً رفع ذائقته الفنية وعرض بعض الأفلام الجيدة. ومع أن الجمهور «الآخر» لا ينتظر التلفزيون ليتمتع بفيلم فني، ولكن من الممكن له أن يجد ميزة واحدة للتلفزيون حين يجعله يشاهد ما فاته ويتعرف الى أنواع أخرى من السينما. السينما المصرية تحاول النهوض مجدداً، ومحاولات فردية في لبنان وأخرى جماعية في المغرب وفي بلدان عربية أخرى، وثمة مخرجون بحاجة إلى دعم، ويمكن للتلفزيون أن يدعم السينما عبر المساعدة في الإنتاج والعرض. من هنا السؤال: ألا يمكن تخصيص وقت ولو لمرة في الأسبوع، لفيلم «سينمائي» يتحلى بمواصفات تسمح له بأن يسمى هكذا؟ أين الأفلام العربية المتميزة، وأين أفلام بقية العالم من السينما الإيرانية المستقلة إلى سينما أميركا اللاتينية؟ هل يُعقل أن تكون المحطة الوحيدة التي تتيح لك مشاهدة أفلام مبدعي السينما العربية مثل إيليا سليمان ويوسف شاهين والأفلام الفنية العربية، فرنسية؟