غداً سيكون كل الشمال على موعد مع الاستحقاق البلدي في مرحلته الرابعة والأخيرة وسط توقع احتدام المنافسة في كل الأقضية واشتداد المعركة في مدينة الميناء في طرابلس بين لائحتين الأولى مدعومة من نواب عاصمة الشمال ورئيس الحكومة السابق عمر كرامي والثانية بقيادة الرئيس الحالي للبلدية عبدالقادر علم الدين الذي يجزم العدد الأكبر من حلفائه من النواب بأنهم تخلوا عنه لمصلحة تغليب الائتلاف على المعركة، لكنه سيحاول أن يثبت وجوده على أنه قادر على «ازعاجهم» في عقر دارهم. ولعل الأبرز على صعيد الاستعدادات لخوض الانتخابات البلدية في الشمال كان في اعلان فوز 10 مجالس بلدية بالتزكية وجميع سكانها من الأرثوذكس وتابعة لعكار. وجاء الإعلان في احتفال أقيم في مكتب نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس في حلبا باعتبار انه كان وراء ضمان فوز المجالس البلدية العشرة بالتزكية وهي بينو مسقط فارس، رحبة، الشطاحة، بزبينا، ضهر الليسينة، الشخطابا، الحاكور، دير دلوم، الحميرة والنهرية. وحضر الاحتفال الذي شارك فيه رؤساء وأعضاء المجالس البلدية الفائزة بالتزكية لعدم وجود منافسين لهم، مدير عام «مؤسسة فارس» العميد المتقاعد في الجيش اللبناني وليم مجلي، ممثلاً فارس الموجود خارج لبنان منذ أيار (مايو) 2005، راعي أبرشية عكار للروم الأرثوذكس المترو بوليت باسيليوس منصور، مدير أعمال فارس في لبنان سجيع عطية اضافة الى أعضاء المجالس الاختيارية في البلدات العشر. ونقل عطية في كلمة ألقاها تحيات فارس لفوز المجالس البلدية بالتزكية «والذي جاء ثمرة طيبة للوفاق والتضحيات التي قدمها جميع الذين عزفوا عن خوض الانتخابات من أجل دعم الجهود الرامية الى تحقيق التزكية»، مؤكداً أن «كل مؤسسات فارس ومكاتبه ستكون حاضنة لهم لإنماء قرانا العطشى من المياه وتنفيذ المشاريع التي توفر لهم العيش بكرامة». وأبدى منصور ارتياحه الى فوز المجالس بالتزكية، وقال: «هذا لا يعني أننا لسنا مع انتخابات ديموقراطية كما يقولون، ان لبنان يحتاج الى توافق وليس الى معارك تثير الخلافات الماضية وأنتم بالتوافق ترسون قواعد السلام ونحن الذين تجاوبنا مع دعوة فارس منذ أن بدأ تحركه باتجاه دعم التوافق وعدم تسييس الانتخابات البلدية». وشكر منصور لفارس «دوره من خلال العميد مجلي وعطية»، وقال: «نحن نحترم ارادة أبناء أهلنا في عكار وكان لهم ما أرادوا». الى ذلك استمرت التحضيرات في طرابلس استعداداً للمنافسة التي تدور بين اللائحة الائتلافية والأخرى المدعومة من النائب السابق عبدالمجيد الرافعي مع انها غير مكتملة. ويحاول الأخير تأكيد حضوره في عاصمة الشمال. وفي هذا السياق عقد لقاء ليل أول من أمس في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس حضره عدد من نواب المدينة وممثليهم اضافة الى القيادي في «تيار المستقبل» أحمد الحريري وفيصل عمر كرامي نجل رئيس الحكومة السابق. وعلمت «الحياة» ان الاجتماع خصص لتقويم الأجواء السياسية السائدة في طرابلس على خلفية حض الناخبين على التوجه الى صناديق الاقتراع للتصويت لمصلحة اللائحة الائتلافية في ضوء ما تردد استناداً الى استطلاعات للرأي أجراها عدد من المؤسسات المختصة من أن نسبة الاقتراع في ظل غياب المنافسة الحقيقية ستبقى في حدود 13 في المئة. وبحسب المعلومات، فإن القوى الداعمة للائحة الائتلافية قررت تشغيل ماكيناتها الانتخابية لرفع نسبة الاقتراع وعدم التصرف على ان النتيجة محسومة سلفاً. وناقش أركان اللائحة الائتلافية في اجتماعهم بدعوة من ميقاتي موقف «الحزب الديموقراطي العربي» برئاسة علي عيد لجهة رفضه الانخراط في اللائحة احتجاجاً على عدم رفع حصة العلويين في المجلس البلدي. وذكرت مصادر في اللائحة أن المفاوضات مع عيد توقفت بسبب رفضه الاستجابة لرغبات الداعمين لها بعدم «تكبير الحجر» خصوصاً أن لا مجال لتلبية شروطه في لائحة العدد الأكبر من الشخصيات والقوى والتيارات السياسية. وحمّلت المصادر نفسها عيد مسؤولية اخراج حزبه من الائتلاف، وقالت ان خروجه «لن يؤدي الى ابعاد العلويين من اللائحة التي تضم ممثلين اثنين عنهم». ورأت انه «لن يكون في وسع أي طرف بذريعة عدم الاستجابة لشروطه أو مطالبه، تعكير الأمن في اليوم الانتخابي الطويل غداً الأحد». ولفتت المصادر الى ان عيد قد يدعو الى مقاطعة الانتخابات من باب الاحتجاج على عدم زيادة حصته «لكن ليس في مقدوره احداث بلبلة يمكن أن تؤثر سلباً على المناخ الانتخابي العام، وقد يلجأ في نهاية المطاف الى خوض المعركة الاختيارية بدعم المرشحين المنتمين الى حزبه في منطقة جبل محسن ذات الغالبية من العلويين». وعلى صعيد المشهد البلدي في قضاء البترون، آثر «التيار الوطني الحر» عدم خوض الانتخابات في تنورين كبرى البلدات في القضاء، وقرر اخلاء الساحة ل «قوى 14 آذار» التي شكلت لائحتها أمس برعاية الوزير والنائب بطرس حرب ومسؤوليها في المنطقة، ولم يبق في وجه اللائحة سوى مرشح واحد تجرى الاتصالات لإقناعه بالانسحاب خصوصاً أنه من المنتمين الى القوى الداعمة للائحة. وبصرف النظر عن التبريرات التي قدمها «التيار» للانسحاب من تنورين، اعتبرت قيادته في البترون ان اخلاء الساحة يبقى أهم من خوض معركة في تنورين مسقط حرب حيث لا توازن للقوى نظراً لسيطرة 14 آذار عليها انتخابياً. لكن عزوف «التيار الوطني» عن خوض الانتخابات في تنورين يدفعه الى الإعداد لمنازلة هي الأقوى في دوما وشكا والبترون عاصمة القضاء، والأخيرة تشهد معركة حامية بين لائحة مدعومة من 14 آذار وآل عقل وضو، وأخرى مؤيدة من ابن البلدة وزير الطاقة جبران باسيل. ويبدو أن لائحة باسيل متقدمة على لائحة 14 آذار التي كثفت اتصالاتها ولقاءاتها لخفض الفارق في الأصوات ما يعزز احتمالات التقارب في كسب الأصوات علماً أن «التيار الوطني» قد يكون الحلقة الأضعف في معظم البلدات الواقعة في قضاء البترون. وبالنسبة الى الانتخابات البلدية في قضاء الكورة فإن معظمها يجرى على أساس استحضار الانقسام الذي حصل أثناء الانتخابات النيابية الأخيرة تماماً كما هو حاصل في أقضية الشمال باستثناء طرابلس والميناء وكان وراء فوز لائحة 14 آذار برئاسة نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الذي شكل لائحة بلدية في أنفه مسقطه، فيما يشهد عدد من البلدات أبرزها أميون وكوسبا أعنف المعارك البلدية. وستتكرر المنافسة البلدية في زغرتا وقراها التي تشهد انقساماً سياسياً بامتياز بين «تيار المردة» بزعامة النائب سليمان فرنجية وحليفه «التيار الوطني» من ناحية ورئيس «حركة الاستقلال» ميشال رينه معوض وحزب «القوات اللبنانية» من ناحية ثانية. ومع ان المنافسة من قبل معوض و «القوات» للائحة المردة تبقى في حدودها المتواضعة، فإن قوى 14 آذار تتحضر للمعارك في قرى قضاء زغرتا وهي تحاول تحسين وضعها وتضع نصب أعينها السيطرة على المجلس البلدي في رشعين ثاني أكبر بلدة بعد زغرتا. أما في قضاء بشري، فتحاول «القوات» التأكيد انها الأقوى بلا منازع، فيما يحشد «التيار الوطني» قواه البلدية على أمل بأن يتمكن من تسجيل رقم انتخابي متقدم حتى لو لم يحالفه الحظ بالفوز بعدد من المجالس البلدية. إلا أن الصورة البلدية في أقضية المنية والضنية وعكار تبدو غير واضحة كما على الجبهات البلدية الأخرى من دون أن ينسحب ذلك على المعارك البلدية في حلبا والقبيات وقرى سير الضنية التي تدور على أساس ان الغلبة للأحزاب المتنافسة التي تسعى لتلوين لوائحها بممثلين عن العائلات، علماً أن «تيار المستقبل» في عدد من البلدات السنية يميل الى الاحتفاظ لنفسه بمسافة واحدة من جميع المتنافسين باعتبار ان لديه حضوراً فاعلاً في معظم البلدات وبالتالي لا يجد مبرراً للوقوف الى جانب هذه العائلة ضد تلك طالما انه على علاقة جيدة بالجميع. وهذا ما ينطبق أولاً على ببنين كبرى البلدات السنية في عكار من دون أن يخفي الاحتكاك البلدي ظاهرة المنافسة بين فريقين أو أكثر يدين جميعهم بالولاء السياسي ل «المستقبل» علماً أن بعض مسؤوليه يخططون حتى اشعار آخر لأن تكون المعركة البلدية جزءاً من المنافسة بينهم، فيما تشهد فنيدق (عكار) مسقط النائب السابق وجيه البعريني معركة يحاول الأخير رد الاعتبار لقوته الانتخابية.