أثارت عملية سطو مسلح على أحد فروع بنك الرافدين في نواحي النجف مخاوف المستثمرين من عودة نشاط الميليشيات المسلحة والصراعات الحزبية بين المكونات السياسية في المدينة. جاء ذلك فيما أبدت جهات أمنية شكوكاً حيال احتمال تورط موظفين في المصرف في عملية السرقة. وأعلن رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة النجف لؤي الياسري في تصريحات صحافية أن «مجموعة مسلحة سطت بعد منتصف ليلة الخميس على مصرف الرافدين في منطقة المشخاب جنوب المحافظة، وتمكنت من سرقة حوالى ستة بلايين دينار (حوالى خمسة ملايين دولار) من خزينته». وأضاف الياسري أن «أجهزة الأمن توصلت إلى بعض الخيوط في شأن طبيعة المجموعة التي نفذت العملية»، مشيراً إلى أن «التحقيق مستمر لمعرفة أفرادها». وأكد مصدر استخباراتي ل«الحياة» أن «المعلومات الأولية تشير إلى أن حراس البنك وراء سرقته»، مشيراً الى أن «قائد العصابة التي سرقته شرطي يعمل ضمن مجموعة حراس بنك الرافدين في المشخاب وبالتعاون مع عصابة هناك قام بتخدير زملائه بمادة مخدرة في الشاي. واقتحمت العصابة البنك وسرقت حوالى ستة بلايين دينار». وزاد: «نحن كمديرية استخبارات لدينا شكوك في كيفية تمكن العصابة من فتح الخزانة التي يوجد فيها المال. فلدينا مؤشرات إلى أن هناك تواطؤاً من موظفي البنك ذاته». واستبعد المصدر أن «تكون لسرقة البنك أبعاد سياسية أو أن تكون جهات حكومية أو أحزاب شاركت فيها»، مشيراً الى أن «العملية جنائية بحتة». ولفت إلى أن «التحقيقات الأولية تشير إلى تورط أحد حراس المصرف في عملية السطو التي جرت بعد منتصف ليل أول من أمس». وكانت سلسلة عمليات اقتحام المصارف الحكومية وإحراقها صاحبت دخول القوات الأميركية الى العراق وانهيار النظام السابق، وشملت معظم مناطق البلاد. ووقع في بغداد وبعض المدن العراقية بين عامي 2003 و2007 عدد كبير من السرقات وعمليات السطو المسلح على مصارف أهلية وحكومية ومحال صيرفة وشركات وسيارات مخصصة لنقل الأموال. يذكر أن أبرز حادثة سرقة بنك حدثت في العراق هي عملية سطو مخطط لها بدقة على فرع لمصرف حكومي قُتل خلالها ثمانية من حراس المصرف وسُرقت الأموال المودعة فيه. واستهدفت العملية مصرف الرافدين الحكومي وسط بغداد حيث قُتل جميع حراس المصرف وسُرق ما في خزنته من أموال، وذلك في عملية هي الأعنف والأبرز في سلسلة من جرائم السطو المسلح على المصارف وشركات الصيرفة في العراق. ومعلوم أن مدينة النجف تعد من المدن الآمنة، ويستبعد أن تحدث فيها جرائم سطو مسلح على بنوك، خصوصاً أن مدينة المشخاب من المناطق الريفية العشائرية المتماسكة التي تنتشر أجهزة الأمن فيها في شكل مكثف. وأثارت جريمة سرقة البنك في النجف مخاوف لدى رجال الأعمال والمستثمرين. ويقول رجل الأعمال عقيل شطب ل«الحياة» إن «عدم السيطرة على عمليات السرقة والسطو المسلح على البنوك واستمرارها، سيشكل ضربة لجهود جذب الاستثمارات الأجنبية وعودة رؤوس الأموال العراقية الى البلاد». ودعا الحكومة إلى «عمل كل ما هو ممكن لوقف تلك العمليات واعتقال المتورطين فيها وإثبات قدرتها على بسط الأمن»، لافتاً الى أن «الاستثمارات لن تتدفق على البلاد في ظل غياب البيئة الاستثمارية التي يشكل الأمن أحد أهم اركانها».