في اشتباك سياسي هو الأعنف بين البلدين منذ نهاية الحرب الباردة، وجّه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد انتقادات لاذعة إلى نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف، على خلفية موافقة موسكو على مشروع أميركي لتشديد العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي. وطالب نجاد ميدفيديف ب «تصحيح» سلوكه، لئلا يضع روسيا «الصديقة والجارة» في مصاف «الأعداء التاريخيين» لإيران، فيما ردت موسكو منتقدة «الديماغوجية السياسية» لنجاد، وشددت على أنها تقف على الحياد وتتمسك بمصالحها القومية في سياستها إزاء الملف النووي الإيراني. وقال سيرغي بريخودكو أبرز مستشاري ميدفيديف إن «روسيا تسترشد في موقفها إزاء الملف النووي الإيراني، بمصالحها الوطنية بعيدة الأمد، وموقفنا روسي إذ يعكس مصالح جميع شعوب روسيا العظمى، ولذلك لا يمكن أن يكون مؤيداً لإيران ولا مؤيداً لأميركا». وأضاف: «لم ينجح أي شخص على الإطلاق، في الحفاظ على سلطته من خلال استخدام الديماغوجية السياسية. وأنا مقتنع بأن تاريخ إيران على مدى ألف سنة، دليل على ذلك». وفي إشارة إلى اتهام طهران بعدم الامتثال للقرارات الدولية في شأن برنامجها النووي، شدد بريخودكو على أن «روسيا لا تقبل أي سلوك غير متوقع وأي تطرف سياسي وغياب الشفافية أو تضارب لدى اتخاذ قرارات تهمّ المجتمع الدولي بكامله وتثير قلقه»، موضحاً: «سيكون من الأفضل أن يتذكّر ذلك، من يتحدثون الآن باسم الشعب الإيراني الصديق والحكيم». يأتي الرد الروسي العنيف بعد تأكيد نجاد أن «تبرير سلوك السيد ميدفيديف أصبح صعباً جداً ومتعذراً بالنسبة إلى الشعب الإيراني». وقال في خطاب في مدينة كرمان جنوب البلاد: «لو كنت مكان الرئيس الروسي، لكنت أكثر حذراً وفكرت ملياً قبل إبداء وجهات نظر أو اتخاذ قرارات في شأن مواضيع متصلة بالشعب الإيراني العظيم الذي يملك حضارة عريقة وتاريخاً خالداً». وأكد أن «الشعب الإيراني لا يعرف: هل هم (الروس) أصدقاؤنا وجيراننا؟ هل هم معنا أم يبحثون عن شيء آخر؟». وزاد: «كان يجب ألا نرى في أوقات حساسة جارتنا (روسيا) تدعم هؤلاء الذين يقفون ضدنا ويناصبوننا العداء منذ 30 سنة (الولاياتالمتحدة). هذا غير مقبول بالنسبة إلى الشعب الإيراني. أتمنى أن يعطي الزعماء والسلطات الروس اهتماماً لهذه الكلمات الودية، وأن يقوموا بعمل تصحيحي وألا يتركوا الشعب الإيراني يضعهم في مصاف أعدائه التاريخيين». واعتبر نجاد أن اتفاق تبادل الوقود النووي الموقّع مع تركيا والبرازيل يشكّل «الكلمة الأخيرة» لإيران، مؤكداً أن معارضيه «ليسوا سوى قلة من بينهم الصهاينة، وآخرين كانت تصريحاتهم غامضة». وأضاف: «بعضهم في أميركا ودول معدودة يريدون وضع (الرئيس الأميركي باراك) أوباما في مواجهة إيران والوصول به إلى نقطة اللاعودة، حيث يسّدون طريق الصداقة مع إيران إلى الأبد». وزاد: «على السيد أوباما أن يدرك أن هذا الاقتراح يشكل فرصة تاريخية، عليه أن يدرك أن الأمة الإيرانية لن تمنحه فرصة جديدة مستقبلاً، إذا لم ينتهز هذه الفرصة». ويعكس هذا الاشتباك بين طهرانوموسكو استياء الإيرانيين مما يعتبرونه «عدم التزام روسيا تعهداتها»، سواء في البرنامج النووي أو في القطاع العسكري، إذ تباطأ الروس في تسليم مفاعل «بوشهر» النووي، كما امتنعوا عن تنفيذ صفقة موقّعة بين البلدين لتسليم طهران منظومة صواريخ «أس-300» المضادة للطائرات، والقادرة على حماية المنشآت النووية الإيرانية من أي هجوم. وثمة اعتقاد لدي الإيرانيين بأن روسيا تستجيب الضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدة وإسرائيل، للحيلولة دون تنفيذ التزاماتها مع طهران، كما تستخدم الورقة الإيرانية في تعاطيها مع إسرائيل والولاياتالمتحدة، بما يحقق مصالح موسكو علي حساب تعهداتها حيال طهران. في غضون ذلك، علّق وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي على تصريح لنظيرته الأميركية هيلاري كلينتون اعتبرت فيه اتفاق تبادل الوقود «خدعة مكشوفة»، معتبرة أنه «مليء بالثغرات». وقال إن تصريحات كلينتون «مغلوطة» و»دعائية» و»غير ناضجة»، مشدداً على أن الرسالة التي وجهتها إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية «خالية من كل الإشكالات والعيوب. الإشكال هو في تصريح وزيرة الخارجية الأميركية».