قضت محكمة الجنايات الموريتانية مساء أول من أمس بإعدام ثلاثة متشددين ينتمون إلى «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، بعدما دانتهم بقتل أربعة سياح فرنسيين قرب مدينة ألاك جنوب موريتانيا عشية الاحتفالات بعيد الميلاد في العام 2007. واستأنف المتهمون الثلاثة أحكام الإعدام أمس. وقال محاميهم زعيم وليد حمد الفال: «لقد تقدمنا بطلب استئناف للحكم الذي يتضمن العديد من الثغرات ولم يأخذ سوى مطالب الادعاء في الاعتبار». وقبل النطق بالحكم، رفع المتهم الأول معروف ولد الهيبة (28 سنة) المكنى «أبو قتادة الشنقيطي»، وهو «أمير كتيبة المجاهدين» التي قتلت السياح الفرنسيين، راية سوداء كتب عليها: «الشهادة». وقال مخاطباً ديبلوماسيين وإعلاميين فرنسيين جلسوا في المقاعد الأمامية في قاعة المحكمة: «هذه رايتنا ونحن جند الله ورسوله... السيف بيننا وبينكم وسنظل نقاتلكم». وأضاف في تهديد ضمني أن «الرهينة الفرنسي في النيجر (ميشال جيرمانو المحتجز منذ الشهر الماضي) يحتاج بالتأكيد إلى الحرية والهواء ليتنفس». وتدخل زميله سيدي ولد سيدنا (28 سنة) المُكنى «أبو جندل» أن «المعركة مع الكفار لم تبدأ بعد». وصاح مخاطباً الفرنسيين: «ليس بيننا وبينكم إلا الذبح، وسنذبح (الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي وفرنسا كلها». ونهر في حدة صحافية فرنسية جلست بين صحافيين موريتانيين، قائلاً: «عليك تغطية رأسك وعدم الجلوس بين الرجال». وعُقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة، إذ انتشر مئات من رجال الشرطة والحرس في محيط قصر العدل، واكتظت قاعة المحكمة بجنود مقنعين مدججين بالسلاح وهم في حال تأهب قصوى تحسباً لأي طارئ. واستقبل المتهمون الحكم بالتكبير وابتسموا وتبادلوا التهاني على «نيل الشهادة»، وسط نحيب وعويل شديدين في جانب آخر من القاعة غصّ بأقاربهم. وبرأت المحكمة سائقاً وبحاراً كانا متهمين بتسهيل فرار القتلة وقررت معاقبة ثلاثة آخرين بالسجن ثلاثة أعوام مع الأشغال الشاقة وسجن آخر ستة أشهر. ولم تصدر أحكاماً غيابية على اثنين من المتهمين ما زالا فارين. وقال مصدر قضائي إنهما صدرت بحقهما مذكرات توقيف دولية وسيحاكمان بعد توقيفهما. وخلال جلسات المحاكمة، اضطر القاضي أكثر من مرة إلى التوقف من دون رفع الجلسة إذ دأب المتهم الثالث محمد ولد شبارنو (22 سنة) الذي حُكم بالإعدام على رفع صوته بالأذان ليؤم الصلاة داخل القفص الداعية السلفي المتشدد محمد سالم ولد محمد الأمين المكنى «المجلسي» الذي دين بتهمة التواطؤ مع قتلة السياح الفرنسيين وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات. وأكد الثلاثة المحكومون بالإعدام براءتهم من قتل الفرنسيين، لكنهم قالوا إنهم من «جنود القاعدة». وطلب محاموهم تبرئتهم معترضين على قيمة الاعترافات التي «انتزعت منهم تحت التعذيب». وقال أحد محامي الدفاع زعيم ولد حمل الفال لوكالة «فرانس برس» إن «النيابة لم تقدم أي دليل على مسؤولية الذين حكم عليهم بالإعدام». لكن محامي عائلات الضحايا الفرنسيين مولاي محمد ولد مولاي أعرب عن ارتياحه للحكم. وقال ل «الحياة» إن «القضاء قال كلمته، وهي كافية في نظري وعلى الجميع احترامها». من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الفرنسية أمس عن «امتنانها لموريتانيا لجهودها من أجل القبض على منفذي جريمة الاغتيال ومحاكمتهم»، إلا أنها ذكرت ب «معارضتها المبدئية لعقوبة الإعدام». وقال الناطق باسم الوزارة برنار فاليرو خلال لقاء مع صحافيين في باريس: «نذكّر بموقفنا المبدئي المعارض للإعدام في أي ظرف كان». وأبدى مراقبون خشيتهم من تنفيذ «القاعدة» هجمات انتقامية غداة صدور الأحكام. وليس معروفاً حتى الآن إذا كانت أحكام الإعدام ستطبق، إذ يعود تاريخ آخر تنفيذ لحكم بالإعدام في موريتانيا إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي عندما كان يتم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في عهد الحاكم العسكري السابق العقيد محمد خونا ولد هيدالة.