وكأن الدورة الثالثة والستين لمهرجان كان الدولي السينمائي آثرت ألا تنتهي الا غريبة ومتقشفة غرابة وتقشف أيامها المنقضية. وكأن رئيس لجنة التحيكم تيم بورتون آثر أن لا ينهي مهمته الا وقد أصاب بعدوى غرابة أطواره زملاءه في اللجنة. وهكذا بدت معظم التوقعات التي سادت خلال الأيام الأخيرة من المهرجان، غير صائبة. فيما بدا البعض الآخر محقاً. ولكن المفاجأة الكبرى كانت ذهاب العدد الأكبر من الجوائز إما الى فرنسا وإما الى أفلام لفرنسا يد فيها، منتجة أو موزعة أو مساندة على الأقل. لكن الخاسر الأكبر، ونقولها منذ الآن، كان الفيلم الذي نال اجماعاً منذ البداية باعتباره الأفضل: «عام آخر» لمايك لي. لم يحصد أي فوز، هو الذي منذ عُرض كان واضحاً انه سيُدخل بريطانيا نادي الفائزين حتى وان كان متوقعاً سلفاً ان فرنسا ستكون صاحبة حصة الأسد. اذ كان الشعور سائداً بأن المعركة في نهاية الأمر فرنسية فرنسية. مهما يكن، اذا كانت الفرنسية جولييت بينوش التي فازت بأفضل تمثيل نسائي فرنسية، فأنها فازت عن فيلم ايراني، تبعاً لجنسية مخرجه وايطالي تبعاً لانتاجه. ومع هذا لفرنسا يدٌ فيه، لكن بينوش فازت عن جدارة اذ ادت هنا واحداً من أجمل أدوارها في السنوات الأخيرة. نتحدث طبعاً عن «نسخة طبق الأصل» لعباس كياروستامي. جدارة فرنسية أخرى ومهما كان رأينا اتسمت بها جائزة لجنة التحكيم الكبرى، اذ ذهبت الى الفيلم الذي روهن عليه منذ البداية أيضاً، «عن البشر والآلهة» لكزافييه بوفوا. واحد من أفضل الأفلام الفرنسية التي حققت في السنوات الأخيرة. لجنة التحكيم اعطته جائزتها الكبرى. لكنها فضلت عليه للسعفة الذهبية فيلماً غريب الأطوار تحمس له كثر، ولكن غادر الصالة ايضاً كثر خلال عرضه. هو فيلم من النوع الذي يحبه تيم بورتون بالضرورة، نعني «العم بونمي» للتايلندي أبيشاتبونغ فيراسيتاخول. صُفق لفوزه كثيراً في حفل الختام. ونسي كثر انه هو أيضاً من انتاج فرنسي. فرنسا أيضاً ولكن في فيلم التشادي محمد صالح هارون «الرجل الذي يصرخ» اعطي جائزة لجنة التحيكم الخاصة. فرنسا ايضاً وايضاً في فيلم «جولة فنية» لماتيو أمالريك الذي نال جائزة الاخراج. في المقابل قد يبدو ان الفيلم الذي نال جائزة السيناريو كوري، هو «شعر» للي تشانغ دونغ. لكنه ايضاً من انتاج فرنسي، ومن بطولة كورية صينية ستينية تعيش في فرنسا منذ زمن طويل. ما الذي يبقى؟ جائزة التمثيل طبعاً. هذه خسرتها فرنسا. ولكن فازت بها جارتاها الأقرب، اسبانيا ومن طريق الرائع خافيير بارديم في الفيلم الأروع «بيوتيفول» لأليخاندرو غونزاليث ايناريتو والذي كان يستحق أكثر أيضاً. ولكن لم يكن وحده. شاركه في الجائزة الايطالي ايليو جيرمانو، بطل فيلم «حياتنا». هذا كل شيء، ولكن بالتأكيد لنا أكثر من عودة الى كل هذه الأفلام وحكاياتها.