يرتبط اسم بيروت جغرافياً، بالزلزال المدمر الذي ضربها عام 551، فاقترن تاريخ المدينة به، منذ زمن الرومان. وفي إطار برنامج الحدّ من تأثير الكوارث الذي تموّله «الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون»، افتتح السفير السويسري في لبنان فرنسوا باراس، مشروع التصميم الزلزالي للمباني، برعاية وزير الداخلية والبلديات زياد بارود وبحضور ممثلين عن نقابة المهندسين ووزارة الأشغال العامة. يدعو هذا المشروع إلى تعزيز آليات التصدي للكوارث الطبيعية وسبل معالجتها عِبر زيادة قدرة المجتمع المدني على التخفيف من الأخطار، ويعزّز أيضاً الوعي بالمسألة عينها، في صفوف مهندسي المباني والسلطات المحليّة. في سياق اللقاء عينه، قدم د. محمد حراجلي، من الجامعة الأميركية في بيروت، عرضاً بالشرائح الضوئيه حول تاريخ الزلازل التي ضربت لبنان والمنطقة في القرن الماضي. وتضمن هذا العرض، صوراً لزلازل ضربت دولاً عدّة منذ قرون، وصولاً إلى كارثة هايتي مطلع السنة الجارية. وتطرّق حراجلي إلى مسألة تفكك الهياكل الهندسية تحت تأثير الزلازل في لبنان، مشيراً إلى وجود لبنان في نقطة خطيرة على خريطة الزلازل عالمياً. وكذلك شدّد على أهمية رفع مستوى الوعي بالخطر الزلزالي، خصوصاً بعد الاكتشافات الأخيرة المتصلة بالصفائح التكتونية في المنطقة. ولفت أيضاً إلى ضرورة وضع خطة لإدارة الطوارئ من أجل الاستعداد والاستجابة في حال وقوع زلازل، كي يُصار إلى التقليل من الخسائر في الأرواح والأضرار المادية خلال الهزّات الأرضية العنيفة. وفي المناسبة عينها، قال مدير عام الدفاع المدني درويش حبيقة: «75 في المئة من مباني بيروت (ولبنان عموماً) غير مجهزة ولا مؤهلة لمواجهة زلزال بقوة 7 درجات». وكذلك أعلن إيفان فوارامبون، منسّق برامج «مكتب التعاون السويسري»، عن طبع كتاب عنوانه «التصميم الزلزالي المفاهيمي للمباني: المبادئ الأساسية للمهندسين والمعماريين ومالكي المباني والسلطات المختصة». وبيّن أنه مكتوب باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، وأنه سيوزع على الطلاب والمهندسين والعاملين في قطاع البناء والسلطات المحلية، لتعزيز فهم التصميم الزلزالي للمباني والتشجيع على تطبيق قوانين البناء. وأوضح أن هذا الكتاب يقدّم موجزاً شمولياً في فن تصميم المباني لمقاومة الزلازل، ويرسم المبادئ الأساسية التوجيهية للتصميم الزلزالي للمنشآت، مُبيّناً أن المبادئ الموجزة في الكتاب تنطبق على المباني الجديدة في المقام الأول، مع إمكان تطبيقها عند تقويم المباني القائمة أو إدخال تحسينات عليها. كما يعرض الكتاب الأخطاء التي تنجم عن الزلازل، إضافة الى إعطائه معلومات تساعد في زيادة الوعي بالتصميم الزلزالي للمباني، لدى مهندسيها وبنّائيها والمسؤولين عن إعطاء تراخيصها وغيرهم. وفي إطار اللقاء عينه، أُعلِن عن سلسلة من المحاضرات المُشابهة التي ستتنقّل بين ستّ جامعات لبنانيّة، وتُجرى بالتعاون مع نقابة المهندسين. ويتيح هذا المشروع للسلطات المحلية وطلاب الجامعات، فرصة الحصول على معلومات تقنية باللغة العربية عن قطاع البناء، ما يسهم في تعزيز تطبيق قوانين البناء السارية راهناً، على أمل الحد من الأضرار في حال وقوع زلزال. وفي تلك المحاضرات، سيوزّع كتاب البروفسور السويسري موجو باخمان، حول التصميم الزلزالي للمباني، المترجم إلى اللغة العربيّة والمعدّل ليتوافق مع الأوضاع الزلزالية في لبنان والمنطقة. وتحدّث حراجلي إلى «الحياة» عن دور الدولة في زيادة الوعي بهذا الموضوع، فقال: «يجب على الدولة اللبنانية ونقابة المهندسين ووزارة الأشغال العامة، إلزام المهندسين باتباع الشروط الفنية والقوانين اللازمة لتصميم المنشآت لمقاومة الهزات الأرضية. كما يجدر بالدولة مراقبة طرق البناء والمواد المستعملة فيه، والعمل على تقوية المنشآت القائمة كي تقاوم الهزّات الأرضية، توخيّاً للتخفيف من الدمار والخسائر بشرياً ومادياً. وينطبق ذلك على منشآت حكومية مثل المدارس والمستشفيات، التي يمكن استعمالها لتؤوي السكان بعد حدوث الكارثة، إضافة إلى تدعيم منشآت توزيع المياه والكهرباء والسدود والجسور». ويبقى السؤال، متى تبدأ عملية زيادة الوعي العام بأخطار الهزّات الأرضية وسُبُل مواجهتها؟