يتعلق مصير «مجالس الصحوة» في العراق بحسابات خاضعة لمنطق المحاصصة الطائفية تضع تجربة مقاتلي المناطق السنية برمتها أمام خطر التحجيم السياسي. وفيما تتواصل الانسحابات من صفوف المجالس، احتجاجاً على عدم تسلم المرتبات منذ شهور، أكد نائب رئيس الجمهورية طارق الهشمي أن «تجربة الصحوات مستهدفة بنسبة 100 في المئة». وقال زعماء في المجالس إن العشرات من عناصرهم تركوا نقاط التفتيش التي كانوا يشغلونها، احتجاجاً على استمرار التلكؤ في دفع المرتبات، فيما يخشى سياسيون ومراقبون ان يدفع الاستياء آلاف المقاتلين للعودة إلى أحضان الجماعات المسلحة. وكانت الحكومة أعلنت نهاية العام الماضي استعدادها لتولي مسؤولية المقاتلين السنّة الذين حاربوا تنظيم «القاعدة» عامي 2007 و2008 ودفع مرتبات نحو 80 ألف مسلح كانت القوات الاميركية تمولهم. ويقول مسلحون إن هذه القوات لم تتأخر في أي مرحلة عن دفع مستحقاتهم المالية التي ترواح بين 400 و700 دولار للفرد الواحد. وقال الهاشمي في تصريح بثه موقع «الحزب الاسلامي» الذي يتزعمه أمس إن تجربة «الصحوة مستهدفة 100 في المئة». ودعا الحكومة إلى أن «تتحرك على عجل لاحتضان أفراد هذه المجموعات وزجها في القوات المسلحة أو توفير غطاء حكومي لها من خلال الوظيفة العامة». وأضاف أن «الصحوات مارست دوراً ريادياً في تعزيز الأمن، بالتعاون مع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وعناصرها رجال تحملوا العبء ودافعوا عن مناطقهم وقدموا التضحيات وعلى هذا الأساس كان ينبغي مكافأتهم». ويأتي دفاع الهاشمي عن «الصحوات»، على رغم العلاقة المتوترة بينها و «الحزب الإسلامي» في الأنبار وصلاح الدين. وكان «الإسلامي» ساهم في تشكيل عدد كبير من «مجالس الصحوة» في بغداد وديالى من عشائر ووجهاء مناطق كان يسيطر عليها تنظيم «القاعدة». وبالإضافة الى العامل السياسي الذي يتمثل بعدم رغبة قوى فاعلة بتكريس تجربة «الصحوة» وخشية قوى أخرى من إحداث عناصرها «خللاً» في تركيبة قوى الأمن( الجيش والشرطة) المشكّلة في الغالب من الشيعة، فإن تعهد الحكومة بضم 20 في المئة منهم الى هذه القوات لم يطبق بشكل كامل، مع تأكيد مسؤولين أمنيين استمرار تطبيق خطة دمج عناصر مختارة وإحالة آخرين إلى وظائف مدنية. وقال مصدر سياسي رفيع المستوى ل «الحياة» إن أسباباً بيروقراطية ومالية قادت الى تعثر توفير مرتبات عناصر «الصحوة»، وان «استمرار هذا الخلل قد يقود الى نتائج كارثية على صعيد الأمن». وأشار الى ان وزارة الداخلية، التي تتولى دفع المرتبات، خفضت موازنتها هذا العام ما خلق حال من الفوضى. وزاد ان مجلس الوزراء هو الآخر خفض موازنته، وهناك اليوم خلل في تحديد الجهة التي يفترض ان تتولى مسؤولية دفع المرتبات. وهناك تقديرات غير دقيقة تفيد بأن على الحكومة توفير حوالي 30 مليون دولار شهرياً للمحافظة على تجربة «مجالس الصحوة»، وهذا المبلغ الذي كان متاحاً في موازنة 2008 لم يعد متوفراً اليوم.