رفض وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر اتهامات وجهها زعماء جمهوريون في الكونغرس تحذر من أن واشنطن تمارس سياسات إنفاق تحاكي التي دفعت باليونان إلى حافة الإفلاس وزعزعت الثقة في منطقة اليورو وعملتها الموحدة، ولا تزال تعصف بأسواق المال والنفط العالمية للأسبوع الثاني على التوالي. ولم يقلل غايتنر من خطورة الوضع المالي لأميركا التي شارف الحجم الإجمالي لديونها على 13 تريليون دولار تساوي 93 في المئة من ناتجها المحلي، لكنه شدد في تصريحات نقلتها محطة «سي أن بي سي» الإخبارية من ولاية واشنطن، على أن العبرة تكمن في قدرة الحكومة على خدمة ديونها. ولفت إلى أن «الاقتصاد الأميركي يحقق انتعاشاً أقوى كثيراً مما كان متوقعاً حتى قبل ثلاثة شهور». وترافقت تصريحات غايتنر مع إجراء مجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي الأميركي) تعديلات إيجابية وصفها بال «معتدلة» على توقعات نمو الناتج المحلي إذ رفعت لجنة السوق المفتوحة نطاق معدلات النمو المتوقعة للاقتصاد الأميركي السنة الحالية إلى (3.2 3.7 في المئة) من (2.8 3.5 في المئة) في كانون الثاني (يناير) الماضي. وشملت التعديلات - التي تضمنها محضر اجتماع دوري عقدته هذه اللجنة، المعنية بوضع السياسة النقدية نهاية الشهر الماضي، ونشره مجلس الاحتياط الأربعاء- توقعات التضخم للسنة الحالية. وخفضت التوقعات المعدلة نطاق مؤشر التضخم الأساس الذي يلعب دوراً جوهرياً في انخفاض أعباء خدمة الديون أو تفاقمها، إلى (0.9 1.2 في المئة) مقارنة مع (1.1 1.7 في المئة) في كانون الثاني. إلا أن الجمهوريين وفي مقدمهم زعيم الأقلية في مجلس النواب جون بونر استندوا في تحذيراتهم إلى «تقرير المراقبة المالية» الذي أصدره صندوق النقد الدولي نهاية الأسبوع الماضي وتضمّن مؤشرات أساسية محدثة عن مستويات المديونية في الدول المتقدمة ومساراتها المستقبلية، إضافة إلى الإجراءات المطلوب اتخاذها لدرء أخطارها المحتملة على الاقتصاد والنظام المالي العالميين. وقال النائب بونر: «ما لم نغير سياساتنا (الإنفاقية) فإن مديونيتنا تسير صعوداً إلى مستويات نراها حالياً في اليونان»، مشيراً إلى توقع صندوق النقد ارتفاع مستوى مديونية الولاياتالمتحدة من 93 في المئة من الناتج المحلي حالياً إلى زهاء 110 في المئة في السنوات الخمس المقبلة، وهو أعلى مستوى في الدول المتقدمة الرئيسة باستثناء اليابان وإيطاليا. وذكر صندوق النقد أن متوسط مديونية الدول المتقدمة سيرتفع من 90 في المئة من الناتج المحلي نهاية 2009 إلى 110 في المئة في 2015، موضحاً أن الحجم الحقيقي للزيادة يصل إلى 38 في المئة من الناتج المحلي عند المقارنة بمستويات المديونية قبل تفاقم أزمة المال العالمية في 2008. ولاحظ أن أكبر زيادة في الديون الإجمالية ستكون من نصيب أميركا وبريطانيا أكثر المتأثرين بالأزمة وتداعياتها الاقتصادية. وعزا الصندوق التردي الخطير في مديونية الدول المتقدمة، التي تستهلك 56 في المئة من إنتاج النفط العالمي، إلى عوامل أهمها التراجع الحاد في الدخل الحكومي الذي يساهم بنحو 19 في المئة من الزيادة المتوقعة في الديون. وشملت العوامل الأخرى ارتفاع كلفة خدمة الديون (7.5 في المئة) وتمويل محافظ الإنقاذ الاقتصادي (4.5 في المئة) وإجراءات تعزيز السيولة (4 في المئة) ودعم القطاع المالي (3.2 في المئة). ودعم الجمهوريون تحذيراتهم بمقارنة مثيرة للجدل بين أميركا واليونان ارتكزت على إجراءات اقترحها الصندوق لدرء أخطار مديونية الدول المتقدمة وتلخصت في خفض مستوى الديون إلى 60 في المئة من الناتج المحلي. ففي حين رأى الصندوق أن أثينا تحتاج إلى خفض العجز الهيكلي في موازنتها المالية بما يعادل 9.2 في المئة من الناتج المحلي خلال العقد المقبل أكد أن الخفض المطلوب من واشنطن يعادل 12 في المئة من الناتج الأميركي. ولاحظ الصندوق أن العجز الهيكلي (الذي يستثني كلفة خدمة الديون) في الموازنة الأميركية يتوقع بحسب السياسات الحالية أن ينخفض من 9.2 في المئة من الناتج المحلي هذه السنة إلى 2.2 في المئة في 2014 ثم يبدأ بالزيادة من جديد في السنوات اللاحقة بينما يتوقع أن ينخفض العجز الهيكلي اليوناني عن ذروة بلغها السنة الماضية (8.6 في المئة) إلى واحد في المئة السنة المقبلة ثم يتحول إلى فائض بمقدار 6 في المئة اعتباراً من 2014.