لا ريب أن التقنية حققت طفرة نوعية لاسيما في مجال الاتصالات وإدارة الأعمال، وعززت التقنية من مستوى الوعى والمعرفة بشكل لافت على جميع الأصعدة، ولا ريب أن مواكبة هذا التطور السريع يتطلب سرعة كذلك في القبول والاستجابة واستغلال الفرص المتاحة ويسعى المرء جاهداً إلى الارتقاء بأفكاره، وحتماً هذا الأمر لن يغنيه عن الاستعانة والسؤال لكي يسخر الطاقة على نحو يحقق له النجاح، وبالتالي فإن المجال الذي يعمل فية سيرتقي بالاداء به او من دونه وفقاً لتطلع المنشآت الى الأفضل، فالتطوير لن ينتظر قناعته او استيعابه للخطط المستقبلية، فإما ان يسهم في صنعها او سيصنعها الآخرون وبهذا يكون قد خسر مكانه وموقعه بل وتأثيره، كل شيء جديد يشعر الانسان بحساسية تجاهه وهذه مسألة فطرية ومرتبطة بالشعور، بيد ان المبادرة لاسيما في مستوى القبول سيؤسس للتفكير الموضوعي بالنظر الى الجوانب الايجابية، ومما لاشك فيه ان الخبرة شأن لا يستهان به بل ان التجارب الناجحة هي نتاج لتراكم المواقف، فالخبرة قرار وتقدير وتوقيت وتصرف ملائم، اضف الى ذلك ان الخبرة غالباً ما تضيف الحكمة، خصوصاً في اتخاذ القرارات نظراً إلى الممارسة والغوص في مراحل الانتاج المختلفة ووفقاً لحجم التجارب التي يمر بها الانسان والاحاطة بالابعاد التي تترتب عليها، المشكلة في تقديري نفسية اكثر من كونها افتقاراً للأدوات واعتداداً بالنفس يسهم في تضييق الأفق عوضاً عن اتساعه، فهو يرى انه ليس من المقبول ان يسأل موظفاً اقل منه شأنأ في شأن لا يعرفه، هذه النظرة القاصرة فضلاً عن اتسامها بالفوقية ونسفها للمعقول لا تزال حاضرة وبقوة كعامل هدر للطاقة والوقت لا اكثر، فالمستجدات تتواكب والتحرج من السؤال عن المعرفة لن يعفيه من المواجهة وسيعود الى من استنكف ان يسأله ليجيبه، فَلِم الحرج في قول الانسان لا اعلم في أمر من الأمور؟ عدم المعرفة لا يوجب الخجل بقدر ما يعني شجاعة وموقفاً مسؤولاً وصدقاً مع الذات، البعض الآخر لديه رؤية مختلفة وخاطئة في الوقت نفسه فهو يرى ان الجديد عدو القديم فينسجم مع هذا المفهوم المضطرب ويتفاعل مع هذه الفرضية المجانبة للصواب، وهو لا يدرك بأنه لولا القديم لما كان الجديد ولو لم يتكئ الجديد على القديم لما انبثق التطوير والتحديث، فلا يمكن للجوال ان يظهر لو لم يظهر الهاتف، ولا يمكن كذلك للانترنت ان يظهر لو لم يظهر جهاز الحاسب الآلي وهكذا. ان ترسيخ الطموح كمبدأ يتطلب تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة وتصويبها بتدرج ينحو الى إزالة التوجس والتخفيف من الضغظ النفسي الذي يتراكم كلما فرد المتعلم عضلاته المعرفية سواء على سبيل التباهي او الانتقاص او من خلال الايحاء بصعوبة المعلومة كحجر عثرة تكرس الاحباط، وما الى ذلك من مؤثرات تحجب ايجابية المشاركة، الاستئثار وحجب المعلومة نبرة لفظها العالم المتحضر، وكلما اقترن نقل المعلومة بنبل السلوك بات سمة في صدور الشرفاء الذين يعوون مبدأ المشاركة الانسانية الخلاقة، ويتسبب الخوف من التغيير او بالأحرى التطوير في ضياع الكثير من الفرص، غير ان التمازج والتناغم بين الخبرة ومجالات التطوير المختلفة بحاجة الى حرفية في التمرير في هذه الناحية لا سيما المعنوية، المساحة بين الخيال والواقع بلا ريب شاسعة، وباتساع المساحة بين الخيال وتطبيقه، تظل الفرصة متاحة بأكبر قدر من التفاؤل لتضييق المساحة بين الطموح وتطبيقه. إن تطبيق الطموح على أرض الواقع من خلال التطوير ممكن، ويندرج على هذا التمكين مدى الحاجة إليه وحتمية تحقيقه، إذ إن هناك ما نحتاجه ولا نحتاج معه إلى التحقيق، بينما هناك ما نحتاجه ونحتاج معه إلى التحقيق، وبقدر اتساع الهوة بين الواقع والخيال يكون تطبيق الطموح ممكناً من خلال وجود المنطق الفعلي وليس منطق «سعيد صالح» في «مدرسة المشاغبين»، وكما كان الطموح قابعاً بين الخيال والواقع وإن كان أكثر قرباً للأخيرة، فإن المنطق لا يقبل أن يكون بعيداً عن مسرح الأحداث، فإذا كان الطموح منطقياً فإن السبيل إلى تحقيقه ليس صعب المنال، وأما إذا كان خيالياً ففي هذه الحالة يجدر بك أن تستعين بفنان تشكيلي لكي يحلّق بك بعيداً وينقلك عبر الخطوط السريالية وتحديداً في درجة الأفق إلى حيث يحدد خيالك محطة الاستقرار المقبلة. الطموح مرتبط ارتباطاً وثيق الصلة بالحماسة، وكذلك بمواكبة التحديث والتطوير، الحماسة والاخلاص إضافة إلى الرغبة الأكيدة في تجسيد الطموح إلى واقع ملموس عبر التطوير، فإنه يتعين ان يجتاز مراحل تتيح انسيابية التحقيق من خلال تفعيل الأسس التي ترتكز عليها هذه العملية، متمثلة في تهيئة الأرضية المناسبة والمناخ الملائم، وذلك من خلال تغليب المصلحة العامة على الخاصة، واستشعار الطموح بحس انساني مجرداً من حب الذات، وتمرير البرامج بأريحية تشحذ الانسجام والتآلف، أضف إلى ذلك إزالة العوائق التي ما برحت تتربص بالطموح وتقف حائلاً دون تطبيق التحديث والتجديد، وتجاوز النمطية في بعض الأساليب المتبعة، التي لم تعد تجاري وتواكب النهضة الحضارية، بالاستفادة من مخرجات التقنية وتطويعها بما يتلاءم ويتناسب مع البيئة، ما يسهم بشكل فاعل في اختزال الإجراءات، وتسهيل تسيير المعاملات بمرونة، تتوافق مع الأهداف بهذا الخصوص، وبدأت البرامج الالكترونية تطرح نتائجها على الأرض والكل بدأ يشعر بتطور الاداء في هذه الناحية. وكون البعض يتحسس من مسألة التحديث والتطوير، فإن هذا أمر بدهي، إذ انه أمضى سنوات عمره في عمله واستوعب الإجراءات بحكم خبرته في مجال عمله، ولكي تتحقق مسألة التطوير والتحديث وتؤتي أُكلها، فإن عنصر التهيئة من الأهمية بمكان وتفعيل التواصل بقبول الآراء والاقتراحات، وبالإمكان الاستفادة من خبرته في مجال عمله من خلال الأفكار التي يطرحها عبر تصوره لما هو أفضل، وهو بلا ريب الأحرص على مصلحة عمله فنجاح عمله نجاح له، وكل شيء يبدأ بفكرة، ولن يلمس الفرق حتى ينعكس التطوير على مستوى الأداء ويرتقي به حينئذ ستتبدد هذه الهواجس والأحاسيس وتصبح في طي النسيان، فقطار التطوير لن ينتظر الخائفين وسيمضي في بلوغه المحطات الواحدة تلو الأخرى. [email protected]