بانكوك - أ ف ب، رويترز - دفعت العاصمة التايلاندية بانكوك ثمناً باهظاً لتفريق قوات الجيش اعتصام أصحاب «القمصان الحمر» المناهضين للحكومة والذي استمر أسابيع عدة. واجتاحت حرائق ضخمة عدداً من المباني الكبرى وسط المدينة حيث انتشرت أعمال النهب والتخريب رداً على حملة القمع الدموية التي شنها الجنود ضد المعتصمين وأجبرت عدداً من قادتهم على الاستسلام. وأسفرت العملية العسكرية لتطهير منطقة الاعتصام من المعارضين، عن سقوط خمسة قتلى، فيما ارتفعت أعمدة الدخان الأسود في أجواء الحي التجاري الذي حولته المعارضة الموالية لرئيس الوزراء المخلوع ثاكسين شيناوترا إلى حصن، في إطار محاولتها الضغط على الحكومة لإجراء انتخابات جديدة، على أمل إعادته إلى السلطة. ورداً على حملة الجيش، أقدم متظاهرون غاضبون يرتدي معظمهم ثياباً سوداً ويحملون الأسلحة الرشاشة، على عمليات تخريب وأضرموا النار في 15 مبنى على الأقل. وأعلن مسؤولون عسكريون أن الجيش اضطر إلى إرسال مروحية لإنقاذ 100 شخص على الأقل، حوصروا في مكاتب القناة التلفزيونية الثالثة بعدما أشعل المتظاهرون النار فيها. وأفادت تقارير أن حريقاً اندلع في مبنى «سنترال وورلد» الذي يعد من أكبر مراكز التسوق في جنوب شرقي آسيا، ومبنى بورصة تايلاند، ومكتب تابع لشركة الكهرباء وأحد المصارف. وفرضت الحكومة حظراً للتجول على بانكوك ليلاً، في محاولة لإخماد العنف، إلا أن السلطات أقرت بأن أجزاء من العاصمة لا تزال خارج سيطرتها. كما فرض حظر للتجول في 23 مقاطعة أخرى في أنحاء البلاد. وتوقع الناطق باسم الحكومة بانيتان واتاناياغورن «ليلة أخرى من المعاناة»، مشيراً إلى أن «الحكومة تدعو الذين يشنون هجمات إلى التوقف، لأن قادتهم استسلموا ووافقوا على المشاركة في مصالحة وطنية». وسيطر الجيش في غضون ساعات قليلة على منطقة «القمصان الحمر» في بانكوك، وأرغم قيادييهم على الاستسلام بعد نحو شهرين من التظاهرات التي بدأت سلمياً ثم تخللتها حوادث عنف ومفاوضات لم تثمر عن نتيجة. واستخدم الجيش دبابات في الهجوم الذي شنه مئات الجنود في وقت مبكر على الحي التجاري والسياحي في العاصمة حيث تحصن المتظاهرون. واقتحمت المدرعات المتاريس التي نصبها المتظاهرون مستعينين بإطارات المطاط وأخشاب وأسلاك شائكة. وظهر أحد قادة المتظاهرين وقد دمعت عيناه معلناً أن المعارضة ستنهي اعتصامها بعد ستة أسابيع من بدئه. وتوجه أربعة على الأقل من قادة المتظاهرين إلى مقر الشرطة القريب من مكان تجمعهم، فيما أعلنت الحكومة أن عدداً آخر من قادة «القمصان الحمر» فر من المكان. وقتل في الهجوم أربعة مدنيين وصحافي إيطالي أصيب برصاصة في بطنه، كما أصيب صحافي هولندي بجروح. وأعلنت المستشفيات أن 19 شخصا أصيبوا من بينهم العديد من الصحافيين الأجانب. وشوهدت جثتا اثنين من المتظاهرين على الأرض وعليهما اثار أعيرة نارية في الرأس. وصرح مايكل ماس مراسل التلفزيون الهولندي في المستشفى بأنه أصيب في كتفه، فيما أصيب صحافي كندي وأربعة جنود بجروح خطرة بانفجار قنابل أمام معقل المتظاهرين. وإثر هجوم الجيش، نشرت الشرطة حوالى 1000 من ضباط «التحرك السريع» المخولين إطلاق النار على أي شخص يقوم بعمليات نهب أو تخريب أو يحرض على الاضطرابات. وكانت السلطات رفضت ليل الثلثاء - الأربعاء استئناف المفاوضات التي حاول بعض أعضاء البرلمان تحريكها حتى آخر لحظة بموافقة «الحمر». وتوقفت آخر المفاوضات الرسمية قبل أسبوع عندما سحب رئيس الوزراء ابهيسيت فيجاجيفا اقتراحه تنظيم انتخابات مبكرة في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، مؤكداً أن صبره نفد من مطالب «الحمر» المتزايدة.