رفضت «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور عرضاً من الحكومة التشادية - التي منعت زعيم الحركة خليل إبراهيم من دخول أراضيها عقب وصوله إلى مطار نجامينا فجر أمس - بنقله إلى الدوحة. وحمّلت الرئيس إدريس دبي مسؤولية ما يجري له، وحذّرت من محاولات الخرطوم خطفه. وكانت السلطات التشادية رفضت استقبال خليل إبراهيم ومجموعة من قيادات حركته في أراضيها بعد وقت قصير من وصوله إلى نجامينا آتياً من القاهرة عبر طرابلس، وحجزت جواز سفره التشادي. وقال مستشار الرئيس السوداني، مسؤول ملف دارفور، غازي صلاح الدين إن إبراهيم غادر القاهرة الإثنين متوجهاً إلى نجامينا من طريق طرابلس حيث استقل طائرة تابعة إلى الخطوط الأفريقية عبر صالة «ترانزيت»، موضحاً أن توجهه إلى تشاد تم دون ترتيبات مسبقة مع الحكومة التشادية. وأشار إلى أن السلطات السودانية ظلّت على اتصال بالسلطات التشادية، مشيداً بخطوة نجامينا. وقال إن الحكومة التشادية جددت التزامها كل الاتفاقات الموقعة مع الحكومة السودانية ومنعها أي حركة مسلحة من استخدام أراضيها ضد السودان، والتوقيع على بروتوكول تأمين الحدود عبر قوة مشتركة من البلدين. لكن الناطق باسم «حركة العدل والمساواة» أحمد حسين آدم طالب الرئيس التشادي إدريس دبي والوسيط الأممي الأفريقي في أزمة دارفور جبريل باسولي والقيادة القطرية بتأمين عودة خليل إلى دارفور، موضحاً أن هذه الجهات هي التي أقنعت خليل بمغادرة دارفور إلى الدوحة عبر تشاد التي ظلّت معبراً للمفاوضين منذ 2004. وقال أحمد ل «الحياة» هاتفياً إن احتجاز خليل في نجامينا ومنعه من العبور إلى دارفور سابقة خطيرة، واعتبر عرض نجامينا بنقله إلى الدوحة بمثابة ضغوط من أجل حمله على التفاوض مع الحكومة السودانية. ورأى أن هناك مؤامرة لتصفية قضية دارفور وراءها الخرطوم ودول إقليمية بدأت منذ قرار حركته تعليق محادثاتها مع النظام السوداني. واستبعد أن تسلّم نجامينا خليل إلى الخرطوم بحسب مذكرة صدرت لتوقيفه عبر الشرطة الدولية «الانتربول»، قائلاً: «لا يستطيع أحد تسليم خليل إلى الخرطوم لأن ذلك لعب بالنار وستكون له عواقب وخيمة». وكشف أن لديهم معلومات أن السلطات السودانية أرسلت طائرتين إلى نجامينا وعلى متنهما مجموعة من عناصر جهاز الأمن، كما توجد طائرتان أخريان في منطقة الطينة الحدودية. وزاد: «أي خطوة حمقاء من النظام السوداني ستكون حماقة وسيكون ثمنها غالياً». وحمل آدم في شدة على غازي صلاح الدين، وقال إنه كان مهمشاً في ملف دارفور وأراد أن يُعطي انطباعات بأنه نجح في التضييق على خليل، وقال إن حركته لن تستجيب الضغوط والتهديد و «ستواصل النضال» من أجل قضية دارفور. إلى ذلك، أفرجت حركة «العدل والمساواة» عن 44 عنصراً من الجيش السوداني وذلك في إطار اتفاق الإطار الموقع مع الخرطوم في شباط (فبراير) الماضي في الدوحة. وقال الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الخرطوم صالح دبكة إن ««حركة العدل والمساواة» سلمتهم الثلثاء 44 من عناصر القوات المسلحة السودانية جرى نقلهم إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وسلموا إلى السلطات هناك. وفي سياق متصل، قالت السفارة الأميركية في الخرطوم أمس إن أميركية من بين ثلاثة من موظفي إغاثة خطفوا في ولاية جنوب دارفور على يد مسلحين. وذكرت منظمة «ساماريتان بيرس»، التي يعمل بها المخطوفون، أن الأميركية، وهي من كاليفورنيا، تبلغ من العمر 36 عاماً، وخُطفت مع إثنين آخرين قرب مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور بعدما اعترض مسلحون قافلتهم المؤلفة من سيارتين. وقالت المنظمة الاغاثية، ومقرها في نورث كارولينا، إنها تعمل مع الجانبين، الأميركي والسوداني، لتأمين إطلاق موظفيها. كما قالت الناطقة باسم السفارة الأميركية في الخرطوم، جوديث رافين، إن البعثة تراقب الوضع. وأشارت الأممالمتحدة إلى أن ثمانية مسلحين اعترضوا القافلة وقاموا بسرقة السيارتين واصطحبوا ثلاثة موظفين وتركوا ثلاثة آخرين. وتقول المنظمة الإغاثية التي أسسها المبشّر فرانكلين غراهام، إنها قدّمت 83.7 مليون دولار في شكل مساعدات للسودان منذ عام 2001. وكان آخر حادث خطف تعرّض لها عاملون في منظمات إغاثية في دارفور وقع في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وخُطفت فيها إحدى العاملات في الصليب الأحمر. ويأتي الحادث بعد نحو شهر من الإفراج عن أربعة من العاملين في البعثة الأممية الأفريقية المشتركة في دارفور «يوناميد» بعد أكثر من أسبوعين من اختفاء أثرهم في جنوب دارفور، أواخر الشهر الماضي. وكان الأربعة، وهم رجلان وامرأتان من جنوب أفريقيا، قد اختطفوا في 11 نيسان (إبريل) الماضي أثناء توجههم إلى مقر إقامتهم في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وأطلق سراحهم بعد أسبوعين عقب توصل الحكومة السودانية إلى اتفاق مع الخاطفين.