غزة - أ ف ب - يلجأ سكان غزة الذين يعانون من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة بسبب الحصار الإسرائيلي على القطاع، إلى استخدام مولدات الكهرباء الرخيصة الصينية الصنع التي أغرقت عشرات العائلات في ظلام الحزن، إثر مقتل أكثر من مئة فلسطيني خلال 18 شهراً بسبب حرائق أو انبعاثات من هذه المولدات. وتصل هذه المولدات التي تعمل بالديزل إلى غزة من مصر عبر أنفاق التهريب التي تعد شريان الحياة للقطاع المحاصر. ويقول كارل شيمبري من منظمة «أوكسفام» الخيرية إن «كثيرين قتلوا بمجرد تشغيلهم تلك المولدات وهم يدخنون السجائر على مقربة منها من دون أن يدركوا مخاطر غاز أول أكسيد الكربون الذي ينبعث منها». وتحاول المنظمة توعية سكان غزة على كيفية الاستخدام الآمن لتلك المولدات، ففي العام الماضي لقي 87 شخصاً حتفهم بسبب حرائق في تلك المولدات أو تسمم بأول أكسيد الكربون المنبعث منها، طبقاً لرئيس خدمات الطوارئ في قطاع غزة معاوية حسنين الذي قال إن 23 شخصاً آخرين لقوا حتفهم في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي. وفقد نسيم أبو جامع (48 سنة) ثلاثة من أبنائه الستة في حريق نشب بسبب تسرب وقود كان مخزّناً في مطبخ منزله ووصل إلى المولد الكهربائي. وأصيب الأطفال الثلاثة الآخرون بجروح في الحادث. أما إنعام أبو ندا وابنتها البالغة من العمر 20 سنة فكانتا من المحظوظين. ففي إحدى ليالي شباط (فبراير) الماضي الباردة وخلال إحدى فترات انقطاع الكهرباء الكثيرة، كانت الاثنتان تعملان في الطابق السفلي الذي يوجد فيه مولد الكهرباء. وأغلقتا الباب حتى لا تزعجا الجيران. وبعد نحو ساعتين سقطت الابنة مغشياً عليها، فيما حاولت إنعام طوال 20 دقيقة النهوض. ونقلهما زوجها إلى المستشفى حيث قال له الأطباء إنهما محظوظتان. وقالت أبو ندا التي أصبحت تلعب الآن دوراً بارزاً في حملة «أوكسفام» للتوعية: «الآن نحن في حال جيدة والحمد لله، ونحن نعلِم الآخرين درساً مهماً، وهو أن عليهم عدم استخدام المولد الكهربائي داخل المنزل او قرب لهب مطلقاً». ووزعت المنظمة 20 ألف نشرة على العيادات والمدارس وغيرها من الأماكن العامة تحتوي على تعليمات مفصلة عن كيفية الاستخدام الآمن للمولدات التي لم يستخدمها أي من سكان غزة في السابق قبل أن يصبح انقطاع الكهرباء أمراً لا يحتمل، إذ كان الانقطاع معتاداً في القطاع المحاصر، لكنه أصبح سيئاً للغاية هذا العام ما أدى إلى موجة من الطلب على المولدات الرخيصة نسبياً. وتلقي حركة «حماس» التي تحكم غزة باللوم على الحصار الإسرائيلي وإغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر، إلا أن خبراء يقولون إن هذا ليس إلا جزءاً من المشكلة، فمنذ أن سيطرت «حماس» على القطاع عام 2007، حددت إسرائيل كمية الوقود الصناعي المسموح بإدخاله إلى غزة ما أدى إلى خفض انتاج محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. إلا أن خفض شحنات الوقود تراجع إلى ما دون الكميات المسموح بها وهي 2.2 مليون ليتر أسبوعياً، ما تسبب في انقطاع الكهرباء مرات أكثر ولفترات أطول بعدما علقت المفوضية الأوروبية التمويل للقطاع وحولت مسؤولية شراء الوقود إلى السلطة الفلسطينية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقبل أسابيع قليلة فقط، أرسلت «حماس» الأموال إلى السلطة الفلسطينية في رام الله لشراء الوقود، ما أدى إلى تحسن طفيف. لكن منير أبو هريسة صاحب محل ومطعم للسمك في مدينة غزة لا يزال يشعر بالقلق. ويقول إن «انقطاع الكهرباء يتسبب لنا بالكثير من الخسائر»، فقبل أن يغلق متجره في الليل يملأ الثلاجة بالثلج، ولكن بعض أنواع السمك يتلف على رغم ذلك. وأضاف: «أحاول أن لا أخزن كميات كبيرة من السمك لأنني لا أعلم طول فترة انقطاع التيار الكهربائي، ففي بعض الأحيان تستمر ثماني ساعات وفي أحيان أخرى 12 ساعة وحتى 24 ساعة».