تقول كلمات الأغنية: «وبحب الناس الرايقة، اللي بتضحك على طول، أما العالم المتضايقة لأ لأ مالناش في بدول». ربما يعني بالمتضايقة أنا! ولو غلط كل واحد منكم وطبق كلمات الأغنية علي فسأبقى بلا صاحب، لأنني على طول متضايقة، وحتى أمي متضايقة مني، فصارت هي الأخرى متضايقة. كل من حولي متضايق، ولا تتضايقوا منا أرجوكم، فأنتم لستم أحسن حالاً «سيم سيم صديق». وهكذا لو وجدنا أحداً ما، غلط غلطة عمره وضحك وابتسم وفرفش ولم يكن متضايقاً، نصبح على أتم الاستعداد والأبهة لتقديم المضايقة «هوم ديليفري» ولو راح إلى آخر الدنيا. لماذا نحن كذلك؟ أو بالأحرى بلاش نحن، دعني أركز على أنا! أنا المتضايقة وحدي وكلكم مبتهجون مستبشرون سعداء. أنا أعترف بأني لم أعد أصلح للسعادة. كبكوب من العقد النفسية! ولقد تقطعت عرى الصداقة ما بيني وبينها وبين الفرح والمزاح. لا ضحكة ولا نكتة. أتصدقني لو قلت لك إنه حتى برامج النكت التي انتشرت في الفضائيات اللبنانية تعصبني وتنرفزني وتقززني وتقهرني أيضاً؟ لاستغرابي لكركرتهم وهم يضحكون على نكت «من الزنار ونازل». مستوى هابط، لا يضحكني لأنني أحب الذكاء والأدب في النكتة، فهل ألغي الذكاء والأدب من رأسي وأستريح؟ «هبلة» أحسن البلاهة حتى أعيش، فالسعداء في هذا الزمن هم الذين لا يعرفون ولا يهتمون في المعرفة ومش فارقة معهم. حقاً فبعض الأشياء ليس من حقنا أن نعرفها، وليس من مصلحتنا أيضاً أن نتعرف على ألاعيبها مثل اللعب في عواطف البشر وفلوس البشر وعقول البشر وكرامة البشر واللعب على الحبل والحبلين. أنت تريد أن تمشي على الأرض لا على الحبال وكأنك في سيرك بشري، ولا تريد أن تمشي على الماء أيضاً لأنك ستغرق. تريد أرضاً صلبة مع أناس متفائلين ومبتسمين، فلم يا ترى صارت الناس ثقيلة ودمها ثقيل ولم تعد تعرف التخاطب والكلام بسعادة. أتدري لأن للسعادة أبجدية ولغة خاصة بها، فهيا إلى الدرس الأول إلى الاكتشاف! فالسعادة ليست بالمعلوم بل بالمجهول، بالغد وبالأمل بالهدف وبالعزيمة المتجددة لكل يوم ولكل ساعة ولكل دقيقة في فتح طريق جديدة وهوى للسير في مشاوير مختلفة ومتنوعة وملونة. إنها باستعمال مفردات مثل الشرف والسمعة الحسنة والقناعة والتسامح والمساعدة والعطاء، فمثلما هناك لغة للمثقفين ولغة للجاهلين ولغة للشباب ولغة للمصالح، هناك لغة للسعادة عليك أن تتعلمها وتتمرن أولاً ثم ثانياً ثم ثالثاً على الوقوف أمام المرآة وشد تلك الشفتين إلى أعلى لرسم الابتسامة البلاستيكية إلى أن تصبح حقيقة وجزءاً منك، وستحتاج إلى الكثير من الصبر والتمرين حتى تستعيد لياقتك في السعد والفرح. الابتسامة ضرورية للوجه، مثلما أنت تنتعل حذاء للقدمين لتمشي، عليك بها للشفتين! لتعيش وتنطلق وستجد أنها الابتسامة التي ستلغي من قاموسك لغة الحروب والتنافر والجفاء والإحباط والفتن لمصلحة لغة المحبة والسرور والبهجة. إنها مجرد تدريب يومي لتنفك عقد الحاجبين وعقد الكبكوب. نعم تدريب وليست طبيعة في البشر ولا وراثة ولا عدوى ولا إبرة. إنها أبسط، هي النظرة الجميلة إلى حياة حلوة، نظرة إلى النجمة ورعشة من الغيمة وكلمة مع الوردة تعلمك السرور. كلمة ود ولمسة حنان وغصن يطلع، قمر، شمس، بحر أو رمل كلها سعادة تدغدغ القلب وتشعل الروح لو ابتسمت لها. لكننا نعبر عنها ولا نراها ونسينا أن نبتسم لها لأننا نسينا أن نشكر. وبالشكر تدوم النعم. خلف الزاوية شكراً... شكراً للحظات السعادة القصوى التي عشناها سوياً... لا لشيء إلا لأنها كانت بعيدة عن دناءات البشر [email protected]