أوكلت الدورة الرابعة من مهرجان العمارة والتنظيم المُدُني والهندسة الداخلية «أغورا» الى جمال كلوش. وهو أحد المعماريين العشرة الذين استشيروا في إعداد خطة باريس الكبرى. وتفويض كلوش قصد الى التأمل والتدبر فوق ما قصد الى إملاء وصفة تبنى حاضرة بموجبها. والمعرض الذي نظمه المعمار الفرنسي الشاب، ووسمه ب «ستيم متروبول ميليونير»، يسبر أغوار 26 مدينة أوروبية. وهو يتوسل الى غرضه بمفهوم «ستيم»، موجز «ستيمولي» (حوافز) في الإنكليزية و «ستيمونغ» (جو أو مناخ) في الألمانية. ويقول المعمار المفوض: «الحاضرة ليست مكاناً يُرسم». وهو اختار مدناً يبلغ عدد الواحدة منها نحو مليون مقيم. ومعيار الاختيار هو ازدواج هذه المدن، أو «فصامها»، على قوله. فهي، من وجه أول، حافظت على إنسانية المدن المتوسطة في القارة القديمة، ولكنها، من وجه آخر، تنمو على شاكلة الحواضر العالمية وفوضاها المسترسلة، وفي «الهنغار» 14، يقترح المعرض مشواراً غير مقيد ومراحل أو محطات، من غير مخطط ملزم. ومرشد المشوار خرائط تخطها المنامات والأحلام، رسمها الجغرافي جاك ليفي، وتؤرخ لمدن «صغيرة كبيرة» ولأدوارها ومراتبها من 1800 الى 2010. وتلي الخرائط غابة كثيفة من الملصقات الزرق التي تمثل ال26 مدينة وتصورها في صور بقع أو أشكال خصوصية. ويهجم كلوش على 7 مدن يرسمها في رسوم ضخمة. فزوريخ السويسرية هي مثال العولمة وعناصرها. وكوبنهاغن الدنماركية مثال البيئة اليومية... ويفضي المعرض الى مدينة مليونية متخيلة، بعيدة من المدينة المثلى، يتنازعها الماضي والفوضى، وتترك التناغم من اجل الطاقة المحض، وتترجح بين جون كولتراين وأرشي شيب. ومن الصور الى الأفلام، على نحو حكاية كثيرة الموضوعات، تصويرية وموسيقية معاً، يرسم كلوش خطاً جلياً، على ما يقال في الشرائط المصورة، تتخلله الأسئلة. فالحواضر تردد أصداء إيقاعات «قصيدة سيمفونية لمئة رقاص» من شعر غيورغي ليجيتي، وتجيب هذه الأصداء. ويُسأل المتخفف من العقائد الثابتة: «وبعدها، ماذا نفعل؟». فيقول: «نجرب فرضيات». * صحافية، عن «ليبراسيون» الفرنسية، 11/5/2010، إعداد وضاح شرارة.